سياسة أم مسيحية

طباعة

مما لا شك فيه أن تغييرا عظيما ومفاجئا حدث في الشعوب التي دخلتها المسيحية. ومن الملاحظ أن المسيحية دخلت تلك الشعوب بواسطة الحوار السلمي لا بالسيف والرمح، فآمن كثيرون واحتملوا الاضطهاد الشديد من عذاب وقتل. ولكن بعد فترة لاحظ الجميع التغيير الجميل في حياة من كانوا قبلا يعيشون في الفساد والجرائم، فاعجبوا بهذا الدين الجميل ودخلوا فيه، البعض لمجرد الاعجاب والبعض عن اقتناع، والبعض الأخر تقليدا لغيرهم. ولكن مهما كان السبب فإن تعاليم المسيحية التي تسود فيها المحبة والوداعة واللطف والمسامحة، أوجدت مجتمعا تشعر فيه الناس بشيء من الهناء لا تتمتع به الشعوب الأخرى.

لكن للأسف الشديد، بعد أن وصلت تلك الشعوب، مثل أوربا الغربية وأمريكا الشمالية إلى درجة من التقدم لم تتمتع به الشعوب الأخرى، نسوا أن الفضل في هذا يرجع إلى حد كبير لنور الإنجيل وتعاليم الكتاب المقدس، فابتداؤا يهملون كلام الله وتحولت الحرية المسيحية إلى الإباحية الغربية. فمثلا الحرية المسيحية لا ترغم الإنسان على الذهاب إلى كنيسة يوم الأحد، ولكنها تنصحه بذلك. أما الإباحية الغربية، فتستهزيء بالأمور الروحية وتهيء للإنسان كل فرصة لارتكاب الشر والفجور بدلا من عبادة الخالق عز وجل.

 

كثيرون يندهشون من التناقض الواضح بين ما تعلمه المسيحية، وما تعمله الشعوب التي تُسمى مسيحية. وهذا التناقض يظهر في أمور كثيرة، لا سيما :

1 ـ الناحية الإجتماعية والخلقية.

2 ـ الناحية السياسية.

ولذلك قبل التعليق على هذا التناقض يجب أن نفهم المعنى الحقيقي لكلمة "مسيحي"، أو بعبارة أخرى, "من هو المسيحي الحقيقي؟".

ليس كل من اعتنق الديانة المسيحية هو مسيحي حقيقي، ولا كل من "ولد من أبوين مسيحيين. فليس هناك من يولد مسيحيا من بطن أمه. المسيحي الحقيقي هو من أدرك أنه إنسان خاطيء مذنب، فاعترف للرب بذلك   تائباً ونادما على خطاياه. وآمن بالرب يسوع المسيح أنه مات من أجل ذنوبه، وقبل المسيح في قلبه قبولا حقيقياً، كمخلص شخصي له. إن مثل هذا يصبح إنسانا جديداً. يقول عنه الكتاب المقدس: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة". لأنه يولد ولادة ثانية، هي ولادة روحية، ويصبح ابنا روحيا لله.

تأثير المسيحية على الناحية الإجتماعية و الخلقية :

مما لا شك فيه أن تغييرا عظيما ومفاجئا حدث في الشعوب التي دخلتها المسيحية. ومن الملاحظ أن المسيحية دخلت تلك الشعوب بواسطة الحوار السلمي لا بالسيف والرمح، فآمن كثيرون واحتملوا الاضطهاد الشديد من عذاب وقتل. ولكن بعد فترة لاحظ الجميع التغيير الجميل في حياة من كانوا قبلا يعيشون في الفساد والجرائم، فاعجبوا بهذا الدين الجميل ودخلوا فيه، البعض لمجرد الاعجاب والبعض عن اقتناع، والبعض الأخر تقليدا لغيرهم. ولكن مهما كان السبب فإن تعاليم المسيحية التي تسود فيها المحبة والوداعة واللطف والمسامحة، أوجدت مجتمعا تشعر فيه الناس بشيء من الهناء لا تتمتع به الشعوب الأخرى. لكن للأسف الشديد، بعد أن وصلت تلك الشعوب، مثل أوربا الغربية وأمريكا الشمالية إلى درجة من التقدم لم تتمتع به الشعوب الأخرى، نسوا أن الفضل في هذا يرجع إلى حد كبير لنور الإنجيل وتعاليم الكتاب المقدس، فابتداؤا يهملون كلام الله وتحولت الحرية المسيحية إلى الإباحية الغربية. فمثلا الحرية المسيحية لا ترغم الإنسان على الذهاب إلى كنيسة يوم الأحد، ولكنها تنصحه بذلك. أما الإباحية الغربية، فتستهزيء بالأمور الروحية وتهيء للإنسان كل فرصة لارتكاب الشر والفجور بدلا من عبادة الخالق عز وجل.

أما موقف المسيحي الحقيقي من هذا فهو أنه إنسان جديد حصل على طبيعة جديدة يعبد الله لأنه يحبه ولانه اصبح ابنا روحيا له. ولا فرق عنده إن كان المجتمع يشجعه على ذلك أو يستهزيء به.

ومع أن الكثير من التأثير الصالح المبارك لدخول المسيحية قد أصبح غير ملحوظ الأن، إلا أننا لازلنا نرى بعض آثاره، مثل احترام حقوق الفرد، والهيئات الخيرية وغيرها. ومن الواضح أنه ليس هناك مجتمع آخر يسرع لإرسال معونات لقوم لا يدينون بدينهم، إلا المجتمع المسيحي. فهم أول من يرسل طعاما وملابس وأدويه في حالة الكوارث لأي أمة على وجه الأرض، مهما كانت ديانتها حتى لو كانوا ممن يضطهدون المسيحيين. وهذا من تأثير تعاليم المسيح، الذي قال: "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". والمسيح نفسه عمل كما علّم. فهو صلّى من أجل الذين كانوا يعذبونه قائلا: "أيها الآب اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" وهكذا فعل أيضا تلاميذ المسيح ورسله. وكثيرون من أتباعه، حتى إلى يومنا هذا.

المسيحية والسياسة الدولية:

نقول باديء ذي بدء أن السياسة ليست هدفا من أهداف المسيحية الحقيقية. هدف المسيحية هو كما ذكرنا قبلا، أن يعرف الإنسان الله معرفة حقيقية، أن يعرفه كابيه السماوي، وذلك بالإيمان بالمسيح فينجو من العقاب الأبدي، وينال الحياة الأبدية. وكثيرون من رجال الله ذهبوا إلى الغابات والصحاري، وخاطروا بحياتهم ليخبروا الناس بنعمة الله ومحبته، ولم يكن هدفهم أن يغيروا سياسة الدول، بل كانوا يعلمون أنهم سوف يعاملون أشر معاملة ويطردون طردا، أو يُسجنون أو يُقتلون. ولكنهم كانوا مستعدين لكل هذا في سبيل إنقاذ ولو نفرا قليلا من جهنم النار.

ومع أن مسئولية المسيحي ليست مسئولية سياسية بل روحية، إلا أنه في الحقيقة مواطن صالح. لأن الكتاب المقدس يعلمه الأمانة، وعدم إرتكاب الشرور والجرائم. ويأمره بدفع الضرائب واحترام السلطات الحكومية.

ولكن بقي أن نجيب على هذا السؤال المهم: لماذا نجد تناقضا بين التعاليم المسيحية والسياسة الدولية للشعوب التي تسمي مسيحية؟ الجواب هو أنه هناك فرق شاسع بين المسيحية الحقيقية والمسيحية الإسمية. فالمسيحية الحقيقية ليست مجرد عقائد ذهنية أو شهادة تؤدي بالفم أو قيام بفرائض دينية أو زيارة أماكن مقدسة، بل هي ولادة روحية جديدة يمكنك أن تحصل عليها أيها القاريء العزيز بالإيمان القلبي بالرب يسوع المسيح، المخلص الوحيد.

أما المسيحية الاسمية فهي قد لا تعني شيئا إلا غلاف خارجي جسد بلا روح. كلام في الهواء. حتى وإن تأثرت سطحيا ببعض تعاليم المسيح، إلا أنها في ساعة الامتحان تظهر الأنانية والطمع والرغبة في السلط على الأخرين. وفي الانتقام، وفي إشباع كل رغبة جسدية. ولن ينقذ الإنسان من هذا كله إلا الإيمان بالمسيح وقبوله في القلب.

أخيراً نقول، قد اقترب الوقت الذي فيه سيأتي المسيح ليملك على هذه الارض، فيسود البر والعدل والسلام، تحت ظل ملكه، لأنه ملك الملوك ورب الأرباب. فهل قبلته في قلبك؟