حب الانسجام

طباعة

الفيلو كما سماه قدماء اليونان هو حب الود والانسجام، ففيه لا أحب من يمتاز بأروع الصفات ولكن من تتوافق صفاته مع صفاتى
سواء كان ضعيفاً أم قوياً فهذا لا يهم فضعفه وقوته جماله وقبحه نقصه أو كماله ليسوا في مركز الانتباه هنا. إنما توافقه معي هو مركز الانتباه.

 

الفيلو يفهم الآخر ويقدره ويمتلك القدرة على كسر وحدته والائتناس به.
لكننا نرى في الفيلو أيضاً بعضاً من العناصر اللإرادية أكثر مما نرى فيه من عناصر الحرية والقرار الواعي فأنا لا أستطيع أن أختار من أنسجم معهم فهناك من أنسجم معهم ومن لا أنسجم معهم.
الفيلو عاجز على التوافق مع الذين تتنافر صفاتهم مع صفاته. هو صديق من يستطيع أن يصادقهم فقط.
وهو مخلص لأصدقائه أولئك متحملاً معهم لمسئوليتهم، لكن لا التزام له تجاه أحد غير أصدقائه.

حب الصداقة والائتناس يأخذنا في دائرة أوسع حول الذات ولكنه يعود إليها أيضاً بسرعة أكثر من اللازم، صحيح أن دائرته التي يرسمها أوسع من الأيروس لكننا نراها أضيق من دائرة الحب الحقيقي وأقصر نفساً، ورغم أن الشخص الذي يعرف أن يكون صديقاً حقيقياً يستحق كل تقديرنا واحترامنا، إلا أن حبه لا يزال ناقصاً محتاجاً.

والفيلو يقوم على تبادل العطاء، أعطيك حباً وتفاهماً إذا استقبلت منك توافقاً وانسجاماً واهتماماً متبادلاً وهنا يثور السؤال: ماذا إذا توقف هو أن يعطيني؟ ومن الذي سيبدأ إذن في العطاء؟ وإذا بدأت أنا حتى متى سأستمر؟.
الفيلو لا يستطيع وحده أن يعطي إجابات الحب الحقيقي على هذه الأسئلة لأن دائرته لا تزال ضيقة.

 

كتاب "حجاب الحب