قصة شفاء

PDFطباعةأرسل إلى صديق

اسمي عيسى ولدت في عائلة مسيحية مؤمنة بالرب يسوع واعتدت على الذهاب إلى الكنيسة منذ نعومة أظفاري...عرفت الرب و أنا صغير, لكني لم أفهم معنى و عمق الحياة مع المسيح ... و عشت حياتي كباقي الناس مع اختلاف في بعض القيم المسيحية التي لم أكن لأتخلى عنها... لكني في المرحلة الاعدادية و الثانوية, انغمست في العالم و رفاق السوء... بدأت أرى العالم جميلاً و مبهجاً تماماً كما رأت حواء ثمرة معرفة الخير و الشر... و بدأت أبحث عن الشبع و الارتواء للشهوات و الرغبات الطبيعية التي خلقت في داخلي, لكن بالطرق الخاطئة... و رحت أبحث و أسعى وراء حب الناس لي ... و في نفس الوقت لم أكن أحب أحداً, بل كنت أنانياً و مغرورا,ً في داخلي كنت ذئباً و ثعلباً... و أما من الخارج فكنت حملاً متديناً.
تقريباً, عصيت جميع الوصايا العشر... حتى القتل! إذ كنت قاتل نفوس بسبب كلماتي اللاسعة و اللاذعة للناس من حولي التي كانت تجرح بشدة حتى الموت... كنت أدعي محبة الله, لكني في نفس الوقت كنت مبهوراً بشهوة الجسد و شهوة العيون و تعظم المعيشة... كانت جميع الأبواب الجميلة التي فتحت لي, تبتلعني و تقيدني... عشت مقيداً بأفكاري و بذاتي و بشهواتي... عشت قلقاً لا أعرف النوم... مدركٌ أني فاعل شر, و شخص بشع جداً من الداخل... كلما ألقيت رأسي على الوسادة, ينتابني خوف شديد من ألا أستيقظ حياً... كنت أحياناً أصلي كما عودتني أمي قبل النوم, و أعتذر لله عن كل أعمالي و أحياناً أقرر بأن أسير مستقيماً... لكني أعود فاستيقظ و كأن شيئاً لم يكن, حتى أعود إلى نفس الدوامة...
بدأ الفراغ الرهيب يضنيني... لم اقرب المخدرات لأني كنت حذراً جداً على سمعتي بين الناس لأن مجد الناس كان همّي, و لما دخل الدخان و الكحول فمي تركته في الحال لأني لم استسغه ... مقياس بعض الناس المتدينين أن الشرير هو من يسرق و يسكر و يتعاطى و يقتل... ربما سرقت, لكني لم افتضح, و قتلت نفوساً و سكرت بأمور غير الخمور, كمجد الناس ... لكنّي كنت وحشاً من الداخل, إذا ما انفجر, يؤذي الآخر لا محالة...
وسط الشعور بالعطش الشديد في صحراء كلها سراب, و القلق المضني قبل النوم, و الخوف الرهيب من الله و جهنم, شن ابليس هجومه عليّ بشراسة...محاولاً أن يفقدني عقلي... بدأ يُسمعني أصواتاً فعلية بأذنَيَّ, أصوات مرعبة, تأتيني عندما أكون وحدي في مكان يعمّه الهدوء... مثلاً,اسمع أحداً ينادي اسمي فيتردد بشكل مرعب على شكل صدى, وغيرها من الأصوات. بالإضافة إلى الشعور بأن هناك من يخنقني و يضغط على جسدي بشكل مؤلم... فكنت أحاول أن أنسى و أشتت هذه الأصوات باللجوء إلى الموسيقى الغربية الصاخبة, المليئة بالنجاسة والخلاعة... لكن لا فائدة... بل كنت اختنق أكثر بسبب الكوابيس و الأصوات و القلق...
لكن في يومٍ, كنت أحضِّر لامتحان الشهادة الثانوية... كنت وحدي ... عندما تقابلت مع الفادي... بدأت أفكر بجدية في حياتي... سئمت من الفراغ الرهيب... سئمت الأصوات المرعبة... سئمت من زمن ارتدادي و عدم الارتواء... سئمت من "فكرة" الموت والخوف من الله... و بدأت أغير فكري عن الله و عن كرسي دينونته ونعمته... و قررت تلك الساعة أن أهب حياتي للمسيح, الذي أخلى نفسه لأجلي أنا... لقد كنت أعرف كل شيء ومدركٌ له... فاهمٌ لا أحيا ما أعرفه... أدركت أني أعرف عن الله الكثير... لكني لا أعرفه شخصياً... و ركعت بدموع مريرة, و لا أذكر أني قبلاً بكيت هكذا و لا بعد إلا عندما امتلأت من الروح القدس... و ركعت هكذا حوالي الساعة و أنا أصلي و أعترف و أقر و اسبح... و في تلك اللحظة, انسكبت في داخلي مزيجٌ من السلام الذي يفوق العقول! و فرح لا ينطق به, فرح مجيد, و غمرني حبٌّ عجيب, روى أول أمر كنت أبحث عنه... الحب! و شعرت و مازلت أشعر بحب للناس و غفران و قبول بشكل لا يوصف... شعرت بمحبة عجيبة لأشخاص آذوني و جرحوني و أشخاص كنت ابغضهم لسبب شخصياتهم... و أذكر أني هرعت إلى أمي و قبلتها و قلت أني أحبها, فردت: "وأنا أيضاً أحبك"... لكني لم أقدر أن أكبت مشاعري حتى انفجرت قائلاً: "أمي, أشعر أني أحب كل الناس"! فابتسمت أمي بفرح, و علمت أن شيئاً ما في تغير!...
و الآن أحيا جزءاً صغيراً من حياة السماء و المجد, مجد المسيح و حضوره في حياتي... حياة الشفاء و الارتواء... حياة فياضة بالبركات... لقد حول نوحي إلى رقص... و حزني إلى فرح... أعطاني جمالاً عوضاً عن الرماد, و دهن فرح عوضاً عن الحزن... و رداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة... لذلك كرست حياتي لخدمته, عالماً بأني عبد بطال ... لكني أخدمه بفرح لأنه خلصني من طين الحمأة و نشلني من مزبله هذا العالم ليجلسني مع أشراف أشراف شعبه... لقد رواني بمائه الحي... و أشبعني وملأ نفسي الجائعة... له كل المجد إلى الأبد. آمين

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube