الجرة المشقوقة

PDFطباعةأرسل إلى صديق

اعتاد محسن " حامل المياه " أن يحمل جرتين كبيرتين ، واحدة عن شماله والأخرى عن يمينه يربطهما معاً بحبل يضعه على عنقه .

كان محسن يحمل المياه من البئر ويصعد بها إلى قصر سيده .

كانت الجرة التي عن شماله مشقوقة تحت عنقها مباشرة . وإذ كان يصعد محسن حتى يبلغ القصر تفقد الجرة المياه التي فيها .

في كبرياء مع عجرفة كانت الجرة السليمة تسخر بأختها قائلة لها :

" إنك مشقوقة غير سليمة .

كل مرة يضيع من مياهك نصفها .

إنك تمثِّلي ثقلاً على محسن ، الأفضل أن يلقى بك في المزبلة ،

ويشترى صاحب القصر جرة أخرى عوضاً عنك ."

كانت الجرة المشقوقة في مرارة تبكى كل يوم إذ تسمع كلمات السخرية من أختها ..

تطلع إليها محسن يوماً ما وصار يسألها : " لماذا تبكين ؟ "

أجابته : " أما تسمع كلمات السخرية ؟

لي سنتان أحتمل هذه الكلمات وقد أصبت بحالة من اليأس …

إني حقاً لا أستحق إلا أن تلقيني في المزبلة لأني أضيع نصف مجهودك معي إذ تخسر كل مرة تحملني فيها مع أختي نصف ما بداخلي …"

ابتسم محسن وفى لطف قال لها : لماذا تحزنين ؟ أنا مسرور بك…

انظري الطريق الذي أسير فيه من البئر حتى القصر ،

فإنك تجدين عن يساري مجموعة رائعة من الورود الجميلة التي تسكب على الطريق ،    وتعطى رائحة طيبة ،

منظر الورد يبهج نفسي ويحول تعبي إلى راحة وأنا أصعد حاملاً إياك وأختك… "

سألته الجرة : لست أفهم ما تقول . ما هي علاقة الورود الجميلة بي ؟!؟

أجابها محسن : أنا أعلم أن المياه تتسلل منك وأنا صاعد بك ، لذلك وضعت بذور ورود من جانبي اليساري حيث تجد الورود مياهاً ترويها .

إني إنسان ماهر أعرف كيف استخدم كل شئ بما فيه فائدة لكثيرين !.

تهللت الجرة المشقوقة ، وشكرت الله الذي أعطى محسن فهماً لينتفع من المياه المتسللة

من الشق الذي فيها فيحول ما هو عيب إلى ما فيه جمال وفن .

أنت إله عجيب … فنان ماهر…

أنظر إلىَّ فأنا جرة فخارية مشقوقة وأنت الفخاري الأعظم !

أنت تعرف كيف تستخدم ضعفاتي للخير !

أنت كلى الصلاح تحول كل الأمور لبنياني وبنيان نفوس كثيرة .

لك المجد أيها الإله العجيب في صلاحه ..

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube