بطن الحوت

PDFطباعةأرسل إلى صديق

أول طريق الإدمان: شـمَّة .. بسبب فراغ أو يأس .. وآخره "عنبر المخدرات" ! ..

أول طريق الطمع: عدم قناعة أو احتياج حقيقي لكن ماستنَّاش حلول الله .. وآخره "عنبر السرقة" ! ..

أول طريق القتل: غيظ أو إحباط .. أعقبهم "هات وخُد" مع إبليس .. وآخره "عنبر القتَّالين" ! ..


أول طريق محبة المال: ذمَّة واسعة أو طموح مدمِّر .. وآخره "عنبر الأموال العامة" ! ..

أول طريق النجاسة: شهوة أو نزوة أو حتى غلطة مش مقصودة .. لكن أعقبهم اعتياد اخماد الضمير .. وآخره "عنبر الأداب" ! ...

العنابر دي كلها موجودة في مكان اسمه: السـجن ! .. لكن الأوقع نسمِّيه شكل من أشكال "بطن الحوت" ! ...

أشكال "بطن الحوت" كتيرة ..

ساعات بيكون الإنسان هوه السبب فيها .. يعني بيحصد نتيجة قراراته الغير حكيمة أو بيدفع تمن مَشيُه العِوج ! ..

وساعات بتكون مفروضة عليه .. يعني ربنا هوه اللي (لحكمة إلهية صالحة) سمح إنه يتواجد فيها ! ..

وكل ما كان الشخص مالوش يد في ظروفه .. كل ما كانت المرارة في حلقه أقوى .. لأن اللي بيتعاقب على ذنب ماعملوش غير اللي بيتعاقب على ذنب عمله ! ...

"بطن الحوت" ممكن يكون إعاقة أو مستشفى أو غلطة دكتور تتسبب لك في مشاكل صحية مالهاش آخر ! .. وممكن يكون الشغل مع مدير ينغَّص عليك عيشتك ! .. وممكن يكون قاعات المحاكم بسبب مشاكل عائلية خاربة البيت ! .. وممكن يكون ديون متراكمة عليك ومطيَّرة النوم من عينيك ! .. وممكن يكون جوزك اللي إنتي قايدة له صوابعك العشرة ومع كده خانك ! .. وممكن يكون أهل جوزك اللي بيعايروكي لأنك ماخلَّفتيش أو لأنك مش بتخلِّفي غير بنات .. أصل إحنا مش بنحس قد إيه كلامنا بيجرَّح في الناس إلا لما بنتلسع بنارهم ! .. وممكن يكون معاناتك من الهجرة اللي إنت بعت اللي وراك وقدامك عشان تحقق حلمك بحياة أفضل .. لكن بعد فترة إكتشفت إن محدش بيكسب كل حاجة ! ... 



"بطن الحوت" مكان صعب ومكروه من الكل .. لكن إتضح إن له فوايد كتير ! .. أهمها إن الشخص:

1- يعيد حساباته مع نفسه ..

2- يتعلم دروس تفيدُه هوه واللي حواليه ..

3- يقدر بنعمة الله يشهد عن إلهه اللي بيرفع الإنسان فوق ضعفه وعجزه ...

الفايدة الأولى:

لما الدنيا بتتلخبط مع إنسان وبيدخل في ضيقة .. أول حاجة بيعملها إنه بيراجع نفسه .. فلو هوه شخص بعيد عن ربنا .. هايبقى الموضوع بسيط .. لأنه بسهولة هايفهم إن ربنا بيشد ودنه عشان يرجَّعه ! .. فالضيقات بأشكالها عبارة عن رُسُل من عند ربنا بيرُد بيهم الناس البعيدة .. لأن الإنسان في أغلب الأحيان مابيفتكرش يقول: "يا رب" إلا بعد مابيقول: "آآي" ! ...



ولو هوه شخص كان بيئذي الناس ويظلمهم .. وربنا سمح إنه يتظلم ويدخل "بطن الحوت" .. جايز هايجيله وقت ويفهم إنه بيحصد اللي زرعه .. وإن ربنا بيدَوَّقه من اللي عمله في غيره عشان يحس بذنبه ! .. زي ما حصل بالظبط مع إخوة يوسف لما قالوا لبعضهم: "حقاً إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع. لذلك جاءت علينا هذه الضيقة" تكوين21:42 ..



لكن لو هوه شخص متديِّن بالمفهوم العام .. فالالتزام بممارسة الفرائض والطقوس بتحسِّس الإنسان بالرضا عن نفسه وبتخدَّر ضميره .. لكنها مش دليل أبداً على إن الشخص عنده سلام مع الله .. ولا دليل على إن ربنا أكيد راضي عن المفاهيم اللي في مخه .. والدليل على كده إنك بتشوف ناس متدينين جداً لكن بتشعر إنهم قلقانين من بكرة زي باقي الناس .. ونومهم عزيز زي باقي الناس .. وخايفين من الحسد ومن الأوبئة زي باقي الناس .. وشايلين هَم يوم الحساب برضه زي باقي الناس .. مع إن المفترض إن التزامهم يدِّيهم سلام داخلي .. لكن للأسف مابيحصلش ولا بيدوقوا طعم الراحة ! .. 



في الحالة دي .. ربنا بيقول للشخص: (لو إنت بتؤمن إني أنا إلهك المسئول عنك .. ومع كده حالك زي حال باقي الناس .. يبقى إنت مش فاهم أنا أبقى مين .. ولا فاهم إنت تبقالي إيه !) ..



النوع ده من الناس بيتعب أوي على مابيفهم إن ربنا ضيَّقها عليه عشان يعلِّمه يتعلَّق بيه هوه .. ويبقاله علاقة شخصية بـ"رب الفرائض والطقوس" .. علاقة الأب بابنه .. مش علاقة السيد بالعبد ! .. "لستَ بعدُ عبداً بل ابناً" غلاطية7:4 ..

لكن الحمد لله إن مهما كان الإنسان مش فاهم .. فالله مابيفشلش أبداً ! .. بيفضل وراه لحد مايفوَّقه .. ولحد مايفهِّمه إن الإيمان اللي مابيغيَّرش الإنسان .. لازم الإنسان يغيَّره ! .. يعني طريقة العبادة اللي مالهاش تأثير إيجابي على الإنسان .. لازم الإنسان يسيبها ويعبد ربنا بطريقة غيرها ! .. 

على المستوى الشخصي .. يوم ما علاقتي بربنا أخدت شكل تاني خالص ..

* قلت لنفسي: (إزاي أنا احتاجت سنين طويلة عشان أفهم إن ربنا كان يقدر يخلق عدد أكبر من البغبغانات والقرود لو كان كل اللي عايزه منِّي فرائض وطقوس .. ويفضل هوه بعيد هناك في سماه ؟!) .. 

* وقلت لربنا: (كان أسهل عليك يا رب إنك تجيب حمار وتعلِّمه يلعب كورة جوة ملعب .. من إنك تفهِّمني أنا إني بالعب برة الملعب !) ..

صحيح كشخص ممارس للفرائض والطقوس كنت باتعب وباعمل مجهود .. لكن كان مستحيل إني أصيب الهدف وأرضي ربنا طول ما باعبده بالطريقة اللي أنا متخيِّلة إنها صح .. مش بالطريقة اللي هوه عايزها مني ! ..    

مش مفترض طبعاً إن كلنا نبقى نُسخ مكررة من بعض .. لكن فيه أساسيات ربنا عايزها مننا كلنا .. إنما طبيعة البشر العادية ماتقدرش تعملها ومحدش يقدر يعيشها إلاَّ بمعونة الروح القدس اللي بيسكن في المؤمنين الحقيقيين بس ! ...

الفايدة التانية:

ربنا بارع في إنه يضرب ملايين العصافير بحجر واحد ! .. يعني تجربة شخص واحد ممكن يستفيد منها هوه وناس كتير أوي في نفس الوقت:

من كام شهر شفت في التليفزيون أُم من إسكندرية .. ربنا سمح إنها تولد طفل معاق ذهنياً ! .. وكان الموقف طبعاً قاسي جداً عليها وعلى جوزها .. وخصوصاً إن مافيش سبب طبي بيفسر ليه حصل كده ! .. وحكت الأم إنها قعدت فترة طويلة لا قادرة تاخده مع أخوه السليم وهيه خارجة لأنها مكسوفة إن حد يشوف إن عندها ابن معاق ! .. ولا قادرة تصلي وتخدم لأنها واخدة على خاطرها جداً من ربنا ! .. وقررت تعيش بعيد عنه ! ...

عاشت في صراع نفسي فظيع : (ده أنا ياما حلمت وإتمنِّيت إن ربنا يدِّيني طفل يفرَّح قلبي وأبقى فخورة بيه ! .. الأطفال الطبيعيين في كل مكان .. ليه ربنا استكتر عليَّ طفل طبيعي ؟! .. طب أنا عملت إيه عشان يعاقبني عقاب صعب كده ؟! .. والطفل الغلبان ده .. أنا عارفة إنه محتاجلي .. لكن غصب عني ! .. أساعده إزاي طول مانا حاسَّة إني في كابوس مش بيخلص ؟! .. وأروح فين من عيون الناس اللي بتبحلق فيَّ كأني عاملة عملة .. وبتزوِّد النار القايدة جوّايا ؟!) ...

بعد كذا سنة وهيه ع الحال ده .. جت في يوم وقالت لنفسها: (لأ مش هاينفع أكابر وأغالط نفسي أكتر من كده ! .. أنا فعلاً مش قادرة أعيش من غير ربنا !) ..

وإبتدت تفتح كتابها المقدس من تاني .. لكن مش زي ما كانت بتفتحه قبل كده من باب مفهومها إن ربنا عايز كده وخلاص ! .. إنما فتحته باتجاه قلب مختلف .. باتجاه شخص عايز يفهم قلب ربنا .. فإبتدى ربنا يفتح عينيها شوية شوية على تعزياته اللي كانت رافضة تشوفها .. وإبتدى يكشف لها إن تجربتها هاتكون سبب بركة ليها ولناس كتير ! .. وحسِّت قد إيه هوه مش سايبها في كل صغيَّرة وكبيرة وبينقلها لمستويات أنضج روحياً .. وفهمت "إنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه. لأنه لا يُذل من قلبه" مراثي33:3 ...

النهاردة هيه مديرة "جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة" .. وقادرة تساعد كل أم بتمُر بنفس الظروف لأنها عايشة كل تفاصيلها ! .. وانبهاري كان مايتوصفش لما سمعتها بتقول بإبتسامة طالعة من القلب: (أنا باشكر ربنا على ابني  ماجد لأنه بركة كبيرة في بيتنا !) ..

إيه ده ؟! .. نقلة من الحسرة للنصرة ولا أشطر دكتور نفساني يقدر يقدِّمها لشخص محبط ومجروح .. لكن ربنا بس هوه اللي يقدر ! ..

ولإحساسها بمدى الألم اللي بتعاني منه أي عيلة فيها شخص معاق (بغض النظر عن نوع إعاقته) دعت الشاب الأسترالي "نيكولاس" المولود من غير إيدين ولا رجلين لزيارة مصر عشان يتكلم عن تجربته ويكون سبب تعزية لكل عيلة بتعدِّي بظروف صعبة ! ...

وده هاينقلنا  للفايدة التالتة:

ساعات "بطن الحوت" بيكون مجرد مرحلة مؤقتة وإنتقالية .. يعني أول ما الإنسان بيفهم إيه الغرض منها .. ربنا بيرفع الضيقة وبيقول: "أذللتك. لا أذلك ثانيةً (مرة تانية)" ناحوم12:1 .. لكن ساعات بيقول لك: (مش هاينفع تقول للناس يلاقوا شبعهم في ربنا وإنت كل أمورك تمام ! .. الناس هايقولوا لك إنك بتقول كده لأنك مش محروم من حاجة .. واللي إيده في المية مش زي اللي إيده في النار ! .. فأنا هاسمح لك بشوكة ومش هاشيلها .. لكن هاشيلك إنت عشان حياتك تكون شهادة عن السلام الغير مرتبط بالظروف !) ...

وأوضح مثال على كده الشاب الأسترالي المولود بدون أطراف (دلوقتي بقى عنده 26 سنة) .. شُفته في برنامجين في التليفزيون .. وشفته في الكنيسة .. وشفت فيه عظمة ربنا ! ... 

كان جسمه على ترابيزة فوق المنبر .. ورجع بجسمه للخلف لحد ما وصل لحافة الترابيزة .. فكل الناس كتموا أنفاسهم لأنه هايقع خلاص .. فقال لنا بروح دعابة عالية جداً: (إيه ؟! .. خايفين عليَّ لحسن أقع ورجليَّ تتكسر ؟!) ..

ياااه ! .. ده طلع زيِّنا ! .. بيعرف يضحك ويهذر ! .. مع إن المنطقي إنه يكون كئيب ودمه سم .. وناقم على كل حاجة .. وقلبه بينضح مرارة وحقد على كل الناس الطبيعيين ! ...

وقال إنه عايش في أمريكا .. وإنه لو عايز .. يقدر يعيش في النجاسة المتاحة بكل سهولة هناك .. لكن هوه قرر ماياخدش حاجة من إيد إبليس .. ومستني ربنا يبعتله شريكة لحياته ! .. صحيح ماعندوش إيدين يحضنها بيهم .. لكن هايحضنها بمحبة قلبه وبإخلاصه ليها ! ...

طبعاً لا تعليق .. لأن المحبة والإخلاص مشينا في جنازتهم من زمان ! ...

وقال إن الإعاقة مش إعاقة الذهن أو الجسد .. لكن الإعاقة الحقيقية هيه إن الإنسان يكون متخَيِّل إنه يقدر يعيش من غير ربنا ! ...

وقال إنه بيشكر ربنا على إعاقته .. لأنه بفضلها بيشعر إنه محتاج لربنا كل يوم .. كل اليوم !!! .. وأن حضور الله المُحب في وسط فرن التجارب هو بركة أعظم بما لا يُقارَن من القضاء على المشاكل بواسطة معجزة إلهية ! ... 

لأ ! .. ده ماطلعش زيِّنا خالص ! .. ده بيقول كلام مابيعرفش الطبيعيين يقولوه ! ...

وبكيت ! .. طبعاً مش لأنه صعبان عليَّ ! .. لأ ! ..

ده شخص في منتهى القوة لأنه ماستحَلِّش لنفسه الغلط بحجِّة إنه محروم من أبسط أبسط الأساسيات زي ما ناس كتير بيعملوا ! ..

وفي منتهى الذكاء لأنه فاهم المعنى الحقيقي للإعاقة وسلِّم الدَفة لربنا بدري بدري ! ..

لكن بكيت دموع الاعتذار لربنا عن كل مرة شفت مصيبة حصلت لشخص أو حصلت لي وصدَّقت الكلام الخايب بتاع إبليس ! .. "إذا كان الرب معكم فلماذا أصابتكم كل هذه الأمور ؟" قضاة13:6 ..

خلاص مش هاتدخَّل في شغلك تاني يا رب ! .. إنت عارف بتعمل إيه .. وبتخرَّج منه إيه ! .. إنت مابتغلطش أبداً يا رب ! ...

فيه مقولات قوية ورائعة جداً .. لكن بتزداد حلاوتها لما الواحد بيشوفها بعينيه ! .. حياة "نيكولاس" هيه صورة حية للمعنى العميق الموجود في مقولة القديس "يوحنا ذهبي الفم": }قال الشيطان للرب: اترك لي الأقوياء فأنا كفيل بهم .. أما الضعفاء فأنا لا أقدر عليهم .. لأنهم يشعرون بضعفهم فيحاربوني بقوَّتك !{ ...

============

من كذا سنة قابلت شخص .. وفي وسط الكلام قاللي إنه بيروح "خدمة سجون" .. فاستغربت من التعبير ومافهمتوش ! ...

* فقلت له: يعني إيه "خدمة سجون" ؟! ...

# قاللي: يعني بازور المساجين اللي مالهمش حد يزورهم ! ...

* قلت له: ليه ؟! .. مش أهلهم بيزوروهم ؟! ...

# قاللي: لأ مش دايماً فيه حد بيزور المسجون ! .. فيه مساجين أهلهم في الصعيد وبيزوروهم مرة كل كام شهر لأن الزيارة بتكلِّف وغالبيتهم على قدُّهم ! .. وفيه مساجين إتبرَّى منهم أهلهم ! .. وفيه مساجين أجانب مالهمش حد خالص يسأل عليهم ! ...

* قلت له: طب وإنت بتعرف منين إنهم مظلومين ويستحقوا المساعدة ؟! ...

# قاللي: وأنا مالي مظلومين ولاَّ مش مظلومين ! .. هوه أنا اللي هاحاسبهم ؟! .. خالقهم يحاسبهم ! .. أنا شغلتي بوسطجي ! .. أوَصَّل محبة ربنا وبس ! .. وبعد كده القرار بيبقى قرار المسجون .. يتوب ولاَّ يكمِّل في طريقه ! ..

لاحظي إن ربنا لما قال: "اذكروا المقيدين كأنكم مقيَّدون معهم" عبرانيين3:13 .. ماحددش وقال: "المقيدين الأبرياء المظلومين" .. عشان يعلمنا نحط نفسنا مكان الشخص اللي في ضيقة ونحس بيه من غير مانشغل بالنا بالحكم عليه .. لأن ده مش من حقنا أصلاً ! .. ربنا بس هوه الديَّان ! .. "مَن أنت يا مَن تدين غيرك ؟" يعقوب12:4 ..

أما من جهة استحقاقهم للمساعدة من عدمه ..

فمن إمتى الله بيدِّيني لأني أستحق ؟! ..

وإمتى أنا إستحقيت إنه يدِّيني ؟! ..    

الله مش بيعاملنا زي ما إحنا بنعامل بعض .. بنكون كويسين مع اللي بيعاملنا كويس ووحشين مع اللي بيعاملنا وحش .. لأ .. ده "بيشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين" متى45:5 .. لأن أمانته معانا مش متوقفة على أمانتنا معاه .. "إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه" 2تيموثاوس13:2 .. مش لأنه راضي عن الشر وبيشجعني عليه .. لكن لأنه عايزني أتكسف من نفسي لما ألاقي إن عصياني مامنعش احساناته ! ..

ربنا بيصبر علينا وبيستنَّى رجوعنا .. بالظبط زي الأم اللي عندها طفل مريض بسخونة عالية جداً ! .. وقت مرضه مش بتسيبه .. لكن بتقعد جنبه تعمل له كمَّدات وبتستحمل هلوَسته لغاية ما يشفى ! ...

أما بالنسبة لاستحقاقي إنه يدِّيني .. فربنا ماسابليش حاجة أقدر أقول إني عملتها بشطارتي أو ليَّ فضل فيها .. لأن أي خير باعمله بيكون بمعونات من عنده .. ومع كده برضه بيدِّيني ! ...

* قلت له: بس وقتك ومجهودك ده مش كان أولى بيهم ناس غير دول ؟! ...

# قاللي: إوعي تفتكري إن الناس اللي برة السجن أحسن من اللي جوة السجن .. كلنا خطاة ومحتاجين توبة ! .. الكذب خطية ومع كده مين فينا عمره ما إضطر يكذب ؟! .. بالعكس ده إحنا بنصنَّفه لكذب أبيض وكذب ملون عشان نحلِّله لنفسنا ! ..

والحلفان برضه خطية وربنا قال: "لا تحلفوا البتة" متى34:5 .. والناس عارفين إن هوه اللي هايحاسبهم على صدقهم من عدمه .. ومع كده برضه بتسمعيهم طول اليوم بيحلفوا بإسم الله العظيم .. ده غير حلفانهم برحمة اللي جابوهم وحياة اللي خلِّفوهم ! ...

* قلت له: مع عظيم احترامي لكلامك .. وأنا عارفة إن أنا باغلط كتير .. لكن غلط عن غلط يِفرق برضه ! .. مش منطقي أبداً إنك تقارن الكذب والحلفان بالجرايم الكبيرة ! ...

# قاللي: مافيش صغائر وكبائر .. لأن الغلط اللي بنعمله .. مش بنعمله في حق البشر .. لكن بنعمله في حق الله نفسه .. فأصغر خطية بتبقى كبيرة أوي قدام قداسة الله ! ..

إنتي ناسية ليه ربنا طرد آدم من الجنة ؟ .. عشان كان قتل ولاَّ كان زنى ؟! .. لا كده ولا كده ! .. كل الحكاية إن ربنا قال له ماياكلش من شجرة معيَّنة لكن أكل منها ! .. يعني الغلطة كانت عصيان .. والعقوبة كانت الطرد من الجنة ! ..

لو مسكنا بس خطية العصيان .. كام مرة ربنا قال لنا مانعملش حاجات وعملناها ؟! .. وكام مرة قال لنا نعمل حاجات وماعملناهاش ؟! ..

كارثة الكوارث إن الإنسان يوزن نفسه على ميزانه الشخصي لتقييم الأمور .. لأن طبيعي إن الميزان هايخدعه ويوهمه بإنه أحسن من غيره ! .. "كل طرق الإنسان نقية في عينَي نفسه" أمثال2:16 ..

لكن الإنسان اللي عايز يعرف حقيقة نفسه بجد .. بيوزن نفسه على ميزان اللي هايحاسبه .. "الرب وازن القلوب" أمثال2:21 ..

وقتها الميزان هايقول له: "وُزنتَ بالموازين فوُجدتَ ناقصاً" دانيال27:5 ..

وهايكتشف من التقرير الإلهي إن محدش ميزانه طابب ! .. لا هوه ولا غيره ! ..

"إنما باطل بنو آدم. في الموازين هُم إلى فوق. هُم من باطل أجمعون" مزمور9:62 ..    

فهايبطَّل يسن سنانه ع الناس لأنه هايفهم إن هوه كمان غلبان زيّهم ! ..

أنا مش هدفي أقنعك بإن اللي جوة السجن ملايكة .. لكن قصدي أوَصَّل لك إن اللي برة السجن مش ملايكة ! .. لأن فيه خطايا وذنوب كتيرة بيعملوها البشر .. وبيعاقب عليها القانون الإلهي .. لكن مش بيعاقب عليها القانون الأرضي ! .. مثلاً الزنى .. رجَّالة كتير بيخونوا زوجاتهم .. وبيكونوا في نظر الله مذنبين .. ومع كده مافيش قانون أرضي بيأمر بحبسهم ! ...

* فسرحت في كلامه وقلت له: تصدَّق إن لو ده حصل وحبسوا اللي بيخون مراته .. هاننسى شكل الرجالة من كتر ما كل فين وفين لما هانشوف راجل ماشي في الشارع ! ..

لأ إستنى ! .. وحتى وقتها برضه الحِسبة مش هاتبقى مظبوطة .. لأن الراجل اللي ماتحبسش ده .. جايز يكون شخصية مشهورة أو منصبه كبير .. فخاف يخون مراته لحسن حد يشوفه ويتفضح .. مش لأن الإخلاص مقطَّع بعضه معاه ! ...

# قاللي: يبقى إنتي موافقاني في إن الشخص اللي إحنا شايفين إنه كويس .. ممكن يكون ربنا شايفه بشكل تاني خالص لأنه كاشف كل أفكار القلب ونيَّاته .. وعارف مين اللي ماعملش الغلط من باب مخافة الله .. ومين اللي ماعملوش لدوافع تانية ! ..

طب وإيه رأيك في النكد ؟! .. برضه مافيش قانون أرضي بيأمر بحبس الزوجة النكدية .. مع إنها كفيلة بتحويل الحياة لجحيم .. لدرجة إن سليمان الحكيم قال عنها: "السُكنى في زاوية السطح، خيرٌ مِن إمرأة مخاصمة في بيت مشترك" أمثال24:25 ...   

* قلت له: معاك حق ! .. الستات لما بيسوقوا في العوَج .. بيتفاتلهم بلاد ! ...

# قاللي: وإيه رأيك في النميمة والتوقيع بين الناس وخراب البيوت ؟! .. بيوت كتيرة إتخربت والمتهم الأول بيكون أم الجوز أو أخته اللي بتحشر نفسها في كل صغيرة وكبيرة ! .. أو أم الزوجة اللي بتمَشِّي بيت بنتها وهيه قاعدة في بيتها ! ..

وإيه رأيك في الزوجة اللي بتبعد جوزها عن أهله وبتحرمهم منه ومن أحفادهم وكأنها بتقول لحماتها: (دورك انتهى!) ؟! .. ولاَّ الزوج اللي طايح في البيت ومش فاهم إن الضعيف بس هوه اللي بيتكلم بلسانه وإيديه ! ..

وتقولي إيه على الأولاد اللي بعدما كبروا وإتجوزوا .. لا بيسألوا على أبوهم أو أمهم العواجيز اللي عايشين لوحدهم .. ولا راضيين يوَّدوهم "دار مسنين" لحسن الناس ياكلوا وشهم ؟! .. يعني لا بيرحموا ولا بيسيبوا رحمة ربنا تنزل ! .. أهي حاجة زي كده ما ينفعش بأي حال من الأحوال تتصنَّف غير تحت بند "جريمة" .. ومع كده يا ريت كان السجن فيه "عنبر للأولاد الجاحدين" اللي ما طمرش فيهم تعب وعطاء السنين ! .. 

وغيرها من الذنوب اللي محدش داريان بيها زي الشماتة اللي في القلب .. "لا تفرح بسقوط عدوك، ولا يبتهج قلبك إذا عثر" أمثال17:24 .. وغيرها من الذنوب اللي مالهاش عقاب في القانون الأرضي .. لكن بكل تأكيد ربنا بيعاقب عليها ! ...

* قلت له: على فكرة أنا مش من الناس اللي بيغيَّروا رأيهم بسهولة .. لكن يظهر كده إن كلامك هايخلِّيني أراجع نفسي في نظرتي لغيري .. وفي نظرتي لنفسي ! ... 

# قاللي: طب مادام كده .. لما أروح السجن المرة الجاية .. تحبِّي تيجي معايا ؟ ...

* قلت له: بس أنا مش عارفة بتتكلم معاهم عن إيه ؟! ...

# قاللي: ماتشغليش بالك ! .. اللي باعتنا هايبعت معانا الكلام اللي نقوله .. إن شاء الله الزيارة الجاية هاخدك معايا ! ...

بعد ما وافقت إني أروح معاه .. حسيت إن المشوار ده تقيل على قلبي لأني مش قده .. لكن كبريائي منعني من الاعتذار ! .. 

المشكلة وقتها إني ماحسِّيتش إنها هاتبقى مرة وخلاص .. لكن حسيت إن ربنا عايزها تبقى خدمتي ! .. فقلت له: (لأ يا رب ! .. أنا مانفعش ! .. إنت كده هاتلبِّسني جلابية أوسع مني أوي ! .. شوف لك حد غيري يروح !) ..

فكان رده عليَّ بطريقة عجيبة ! .. رتب إني أسمع وعظة بتتكلم عن الرب يسوع لما طلب من إتنين من تلاميذه يجيبوله جحش (حمار صُغيَّر) عشان يدخل بيه أورشليم .. وقال لهم: "إن سألكما أحد: لماذا تحُلاَّنه ؟ فقولا له هكذا: إن الرب محتاج إليه" لوقا31:19 ..

فالواعظ علَّق وقال: (الكتاب المقدس ماذكرش إن الحمار اعترض أو قال: (لأ !) .. لكن إحنا بنقولها لربنا كتييير لما بيطلب مننا حاجة !) ..

ففهمت الرسالة وقلت لنفسي: (الحمار ماقالش لربنا: (لأ !) .. لكن اللي يقول لربنا: (لأ !) .. يبقى إيه ؟!) ...

============

عمري ما هانسى أول يوم رُحت فيه السجن ! ..

بعد التفتيش قعدنا في قاعة الانتظار مستنيين السجَّانة تنادي أسماء المساجين اللي هانزورهم ! ..

بعد شوية جت السجَّانة ودخلنا قاعة الزيارة .. قاعة كبيرة وفيها سجينات كتير .. وكل واحدة مستنية بلهفة اللي هايزوروها ! ..

ربنا كان مرتب إن أول مسجونة نقابلها تكون مختلفة تماماً عن أي تصوّر في بالي ! ..

أنا متوقعة دموع ومسكنة واستعطاف .. وفوجئت بشابة جميلة في آخر التلاتينات .. باين على وشّها نعمة ربنا .. وواقفة ترحب بينا بثقة وفرحة عجيبة ! ..

حضنتني جامد كأنها عارفاني من زمان .. وأنا كنت عاملة زي لوح الخشب من كتر الذهول ! ...

مش فاهمة إزاي أو بأمارة إيه معنوياتها مرتفعة كده ؟! .. ده إحنا في السجن ! ...

دايماً زمان لما كنت أسمع حد من الوُعَّاظ بيتكلم عن الآية بتاعة: "قام الجمع معاً على بولس وسيلا وألقوهما في السجن، وكانا يصليان ويسبِّحان الله" أعمال الرسل25:16 ..

كنت أقول في سرِّي للواعظ: (أبوس إيدك تنزل من على المنبر وتحس بينا ! .. نقدر نسبَّح إزاي بس في ظروف سودة زي دي ؟! .. بولس كان بيسبَّح ؟ .. طب ده بولس ! .. وإحنا إيه وصَّلنا لبولس ؟! .. هيه حصلت مرة واحدة وخلاص !) ..

أبويا السماوي كان شايف وسامع الحوار اللي بيني وبين نفسي ده .. ويِظهر إنه شاف إن أنا مش نافع معايا وَعظ في الآية دي ! .. فقرر يخلِّيني أشوفها بعيني لأني ماكنتش فاهمة إن اللي وَصَّل بولس لكده .. يقدر يوَصَّلنا لبولس وأكتر كمان لو بطَّلنا نحوش إيده اللي بتشكِّل فينا ! ...

دار حديث طويل بينها وبين الخادم اللي معايا ! .. وكان واضح إنها بتعتبره أخوها الصُغيَّر لأن بقاله سنين بيزورها ! .. ولاحظت من لهجتها إنها مش مصرية ! ..

تابعتها وهيه بتتكلم لكن مانطقتش بكلمة كأني قدام اختراع ! ..

# لاحظت سكوتي فسألتني: ساكتة ليه ؟ .. إنتي أول مرة تيجي السجن ؟ ...

* قلت لها: أيوة ! ...

# قالت لي: تعيشي وتزوري ! .. ربنا يعوَّضك ! .. مش عايزة تقوليلي حاجة ؟ ...

* قلت لها: للأسف ماحيلتيش حاجة أقولهالك دلوقتي .. لكن بيتهيألي إن ربنا بعتني النهاردة عشان أسمعك إنتي ! .. أنا محتاجة أعرف منك إيه السر ورا اللي عيني شايفاه ده ؟! ...

# فضحكت وقالت لي: السر ؟ .. عايزة تعرفي السر ؟ .. لما بتشوفي حاجة حلوة بتقولي إيه ؟ ...

* قلت لها: الله ! ...

# قالت لي: بالظبط كده ! .. خُديها قاعدة: الله هوه سر الجمال الحقيقي الغير مرتبط بالمكان ولا الزمان ! .. وبعيد عن الله مهما الشخص عمل في نفسه عمايل .. برضه هايكون مطفي ! ...

* قلت لها: شوَّقتيني أعرف حكايتك ! ...

# قالت لي: من 14 سنة إتقدِّم لي عريس .. ماكنّاش نعرف إنه بيتاجر في المخدرات .. وماكنتش باحبه لكن صممت أتجوزه بالرغم من عدم ارتياح أهلي للجوازة دي .. لأن وقتها كنت ماشية بدماغي ومابسمعش لكلام حد ! ..

بعد كام شهر من الجواز .. قاللي إنه مسافر مصر في شغل لمدة أسبوع .. فقلت له: (خدني معاك ! .. أنا مشتاقة أشوف مصر ! .. بيقولوا إنها جميلة !) .. فحاول يقنعني بتأجيلها لمرة تانية .. لكن أبداً ! .. صممت آجي مصر معاه وإتقبض علينا .. فقال إني شريكته في الجريمة عشان العقوبة تتقسم علينا ! ..

أخدنا كل واحد 15 سنة سجن ! ..

وقتها أبويا وأمي راحوله السجن .. وأبويا وطَّى باس رجله واتوسِّل إليه عشان يقول الحقيقية .. لكن هوه قال له: (لااااااا ! .. أقول الحقيقية عشان بنتكم تطلع من هنا وتتجوِّز حد تاني ؟! .. إحنا دخلنا مصر سوا .. وهانخرج منها سوا !) ..

فشلت كل محاولتنا لاثبات براءتي .. وبقالنا 13 سنة في السجن .. وفاضل سنتين ! ..

الفترة الأولى كانت مرار ! .. مش قادرة أوصفلك قد إيه صعب على الإنسان إنه يتحرم من حريته بين يوم وليلة ! .. وقد إيه الاحساس بالظلم مُر ! ..

أنا صحيح قبل مادخل هنا كنت شخصية عنيدة وماليش دعوة بربنا خالص .. لكن كنت شايفة إن ده مش معناه أبداً إن عقابه ليَّ على بعادي يكون بالقسوة دي ! ..  

ده خلاَّني أزيد في عنادي وأبعد عنه أكتر ! .. وطال بعادي .. طال لمدة 7 سنين ! ..  

لغاية ما جه يوم وسمعت واعظ السجن بيقول: (إنتي لازم تشكري الظابط اللي جابك هنا .. لأن هنا إنتي هاتقابلي ربنا ! ..

لحد إمتى هاتفضلي مخاصماه ؟! ..

لما ربنا سمح إن يونان يدخل "بطن الحوت" .. يونان عمل حاجة حلوة أوي: صرخ وصلى لربنا ! ..

اصرخي وصلي له .. وارجعيله بتوبة حقيقية .. وربنا هايعمل حاجة من اتنين: يا إما هايغيَّر الأحوال ويفك ضيقتك .. يا إما هايغيَّر حالة التذمر اللي إنتي فيها .. ويدِّيلك قوة وصبر تتحمِّلي بيهم التجربة ! ..

قصَّري على نفسك وقت ضايع في الحيرة وقلة الحيلة .. إجري عليه هوه وقولي له: "تكلم يا رب لأن عبدك سـامع" 1صموئيل9:3) ..

مش عارفة ليه اليوم ده بالذات الكلام فرَق معايا أوي وحسيت إن ربنا بيكلمني أنا بالتحديد ! .. فرجعت العنبر وفتحت الكتاب المقدس لأول مرة في حياتي ! .. اتفتح على الآية اللي بتقول: "تكلَّمتُ إليكِ في راحتك. قلتِ: لا أسمع. هذا طريقك منذ صباك، أنك لا تسمعين لصوتي" إرميا21:22 ..

فعلاً ياما حاول يكلمني في وقت الوسع .. لكن كنت دايماً باهرب منه ! ..

لما كنت باتعزم على فرح ولاَّ حفلة .. كنت باعرف أخلق الوقت عشان أجهِّز نفسي وأروح .. لكن لما كان حد يدعيني لأي حاجة دينية .. كنت أتحجج بإن مافيش وقت .. لحد ما جيت لمكان مافيش فيه أكتر من الوقت ! ..

حسيت وقتها إن عمري إتسرق مني .. وأنا الحرامي اللي سرقه ! ..

وبكيت .. مش دموع الحسرة على حالي زي قبل كده .. لكن دموع التوبة والندم ! ..

كانت دي البداية ! .. صرخة وصلوة من القلب .. ومن ساعتها والخط مفتوح مع السما ! ..

وقررت مابقاش مسيحية بالاسم .. لكن أتعلم وأعيش اللي باتعلمه ! ..

قريت كتب وتفاسير كتير عشان أعرف فِكر ربنا أكتر وأعوَّض الوقت اللي ضيَّعته بعيد عنه .. وكان هوه بنفسه  اللي بيفهِّمني .. وكان بيسدد كل احتياجاتي المادية والمعنوية كمان ! .. مانا بقيت بنته ! ... 

* سألتها باستغراب: بس أنا مش فاهمة ليه ربنا مارفعش عنك التجربة مادام فهمتي الغرض منها وبقيتي بنته من ساعتها ؟! ...

# قالت لي: المحلات الكبيرة بتعرض أفضل المعروضات في الفاترينة عشان تجذب الناس وتبيع البضاعة اللي جوة ! .. والمؤمن المتجرَّب كمان ساعات ربنا بيدِّيله قوة زيادة عشان يكون "فاترينة" تعرض للي رايح واللي الجاي قوة عمل الروح القدس في أضعف الناس ! .. "لنا هذا الكنز في أواني خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منّا" 2 كورنثوس7:4 ..

"الله لا يترك نفسه بلا شاهد" أعمال الرسل17:14 .. في كل مكان له شهود بيشهدوا عنه بحياتهم المختلفة ! .. شهود "مستعدين دائماً لمجاوبة كل مَن يسألهم عن سبب الرجاء الذي فيهم" 1بطرس15:3 ..

وربنا بيكافيء خضوعنا لخطته في حياتنا .. بإنه بيميِّزنا عن باقي الناس اللي بيجتازوا في نفس التجربة .. وبيدِّي هيبة لولاده في أي مكان ! ..

"كان الرب مع يوسف، وبسط إليه لطفاً، وجعل نعمة له في عينَي رئيس بيت السجن" تكوين21:39 ..

لما السجينات بيسألوني: (إشمعني إنتي بتتعاملي المعاملة دي ؟! .. ليه الكل بيحترمك كده ؟!) ..

باقول لهم: ("إذا أرضت الرب طرُق إنسان، جعل أعداءه أيضاً يسالمونه" أمثال7:16 .. اللي بيكرم ربنا في الخفا .. ربنا بيكرمه في العلن !) ..

المؤمن دايماً متصان .. مش متصاب زي ما الناس بيقولوا ! ..

مكتوب: "كان بطرس محروساً في السجن" أعمال الرسل5:12 ..

بين محبوساً ومحروساً .. حرف واحد في الكتابة .. لكن ما أبعد الفارق بينهم في المعنى والمضمون ! ..

أنا جرَّبت محبوساً .. وجرَّبت محروساً ! ...

* قلت لها: على عيني إنك عانيتي ده كله في بلدي .. مع إن مصر جميلة .. وناسها طيبين .. لكن للأسف إنتي ماشفتيش فيها غير القضبان .. وماعاشرتيش منها غير السجَّان ! ...

# قالت لي: ماحبَّهاش إزاي ودي البلد اللي اتولدت فيها الولادة التانية .. واتقابلت فيها مع الرب يسوع ؟! .. وأنسى إزاي إن ليَّ فيها إخوات ياما زاروني وسألوا عليَّ .. وإخوات جُعنا سوا وشبعنا سوا ؟! .. الناس اللي هنا بقوا أهلي ! ...   

* قلت لها: عندك أولاد ؟ ...

# قالت لي: معنديش لكن ربنا عوَّضني بعدد كبير بيقوللي: (يا ماما) لأني أمهم الروحية ! ...

* قلت لها: طب وجوزك ؟ .. تلاقيكي مش طايقة تشوفيه ولا قادرة تسامحيه لأنه جابك هنا ! ...

# قالت لي: لأ مش هوه اللي جابني هنا ! .. يوسف قال لإخوته اللي باعوه: "ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل الله" تكوين8:45 ..

ظاهرياً أنا جيت هنا بسببه .. لكن الحقيقة إن أنا جيت هنا لأن دي خطة الله في حياتي ! ...

* قلت لها: معلش فيه سؤال زانقني: يعني أفهم من كلامك إنك قدرتي تسامحيه وممكن ترجعيله تاني ؟! ...

# قالت لي: حياتي معاه مستحيلة لأنه ماكانش أمين عليَّ في بيته .. وماينفعش يكون شريك عمر وحياة .. لكن مش باكِنِّله أي حقد .. ولا جوايا أي نقطة انتقام منه .. رغم حجم الضرر اللي سببهولي وسبِّبه لأهلي .. لأن "محبة المسيح" و"مشاعر الكراهية" ماينفعش يجتمعوا في قلب واحد  في نفس الوقت ! ..

أوقات كتير باسأل نفسي: (ليه اختياري كان بهذا السوء ؟!) .. والجواب المناسب إني كنت سيئة .. والسيء يختار السيء ! .. لكن أشكر ربنا إن الفرصة ماضاعتش مني .. وإتغيَّر طريقي .. واللي جوَّايا اختلف عما كان أول ما دخلت السجن ! .. "هو قصَد لي شراً، أما الله فقصَد به خيراً" تكوين20:50 ... 

* سألتها بغيظ: وسامحتيه إزاي ؟! ...  

# فقالت لي: لما الواحد بيكسر وصية .. بيبقى متخيل إنه هايرتاح لما يعمل اللي على مزاجه .. لكن مابيرتاحش ! .. فأنا سامحته عشان أنا أرتاح ! ..



ربنا عايز ناس "عاملين بالكلمة، لا سامعين فقط خادعين نفوسهم" يعقوب22:1 .. لأن الإيمان الحقيقي بيتعاش .. مش بيتقال ! ..

وزي ما قلت لك من شوية إن أنا كنت مقررة أعيش اللي أتعلمه .. فكنت كل ماجي لآية: "اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا" متى12:6 .. أبكي جامد وأقول لربنا: (مش قادرة ! .. أغفر له إزاي ؟! .. هوه العمر فيه كام 15 سنة ؟!) ..



غفراني له ماكانش سهل أبداً ! .. سنين طويلة صليت بلجاجة ودموع عشان ربنا يقوِّيني على ضعفي وأسامحه .. فكافيء اشتياقي للعيشة بأمانة .. وقدرت أسامحه ! ..

إبليس بيخدع الناس وبيقول لهم إن معنى "مَن ضربك على خدّك فاعرض له الآخر أيضاً" لوقا29:6 .. هوه إن ربنا عايزهم يخلّوا خدّهم مداس ويسيبوا حقهم ! ..

وطبعاً اللي مش فاهم بيصدَّقه .. وبيحاول ينتقم ويجيب حقه بنفسه ..

لكن الحقيقة إنه (إن جاز لي التعبير) اللي تعوز تنتقم منه .. سامحه ! ..

لأن أبونا السماوي قال: "الذين يضايقونكم أُجازيهم ضيقاً"2تسالونيكي6:1 .. إنت بس إسمع كلامي وسامح .. وحقك أنا مش هافرَّط فيه أبداً ! .. "لي الانتقام، أنا أُجازي، يقول الرب" عبرانيين30:10 ..

* سألتها: تعرفي حاجة عنه دلوقتي ؟ ...

# قالت لي: من فترة قريبة قررت أزوره في سجن الرجال .. وأتكلم معاه زي ما باتكلم مع أي حد عن محبة الله اللي بيقبلنا بكل وحاشتنا ! ..

وقلت له إن إبليس دايماً بيوهم الإنسان بإنه محتاج يصلَّح من نفسه الأول عشان ييجي لربنا .. مع إن العكس صحيح .. ده الإنسان محتاج ييجي لربنا عشان يقدر يصلَّح من نفسه .. لأن محدش يقدر يبقى كويس من غير مساعدته ! ..

وكلّمته عن كفارة المسيح ودمه اللي "بيطهَّرنا من كل خطية" 1يوحنا7:1 .. وبيضمن حياة أبدية بعد الموت لكل اللي بيحتمي فيه .. لكن تقولي لمين ؟! .. كنت باتكلم في وادي وهوه كان في وادي تاني خالص ! .. لسه بيتكلم عن الانتقام من الناس اللي بلَّغوا عنه ! ..

للأسف سنين السجن الطويلة مادَوِّبتش قساوة قلبه ! ...



الكلام معاها ممتع وحياتها غنية بالاختبارات .. لكن صفارة السجان رنت في المكان لأن وقت الزيارة انتهى ! ..



* قلت لها: بالاسم فيه خادمة جت تزورك النهاردة .. لكن الحقيقة إن أنا اللي استفدت جداً من كلامك .. واتشرَّفت بمقابلة تحفة فنية أبدع الله في تشكيلها ! ... 

# قالت لي: ربنا أمين ! .. هاشوفك تاني ؟ ...

* قلت لها: بإذن الله بكل تأكيد ! .. ربنا يهوِّن عليكي ! ...



بعد الكلام معاها كنت متلخبطة وحسيت إني صغيَّرة أوي لأني اكتشفت إن معنديش أشواق أعيش بالأمانة أوي كده زيَّها ! ..

ما الكتاب المقدس ماليان وصايا ! .. بقى وقفت قدام وصية من أصعب الوصايا عند كل الناس .. وصية الغفران .. وماكتفتش بترديدها شفهياً وخلاص زي ما الغالبية بتعمل .. لكن صممت تعيشها فعلاً ؟!؟! ..

بصراحة أنا لو كنت مكانها .. ماكنتش سامحته ولا كنت هاهتم أصلاً أصلّي سنين عشان أقدر أسامحه ! .. وكنت هاشوف إن كتَّر خيري إني ماقطمتش زمارة رقبته ! ..

لكن هاقول إيه ؟! .. صوت ربنا واضح جداً ليَّ في النقطة دي .. وماينفعش أستعبط ! ..

ربنا يساعدنا عشان نعيش بأمانة أكتر ! ...



فيه حاجة صغيَّرة لكن مهم إني أحكيها قبل مانكمِّل كلامنا عن الزيارة الأولى للسجن ..

كان عندي فضول جامد أوي إني أشوف جوزها ! .. ففي زيارة من زياراتي ليها بعد كده .. طلبت منها إني أزوره في سجن الرجال .. وفعلاً زرته هوه ومساجين تانيين مصريين وأجانب ! .. وطلبوا مني أزورهم تاني ! ..



زيارتي لجوزها مافيهاش حاجة مهمة تتحكي .. لكن عايزة ألفت النظر لدرس إتعلمته هناك ! ..

لما رحت الزيارة التانية .. المساجين استقبلوني بحفاوة وترحاب زيادة شويتين ! .. فقررت ماروحش سجن الرجال تاني .. لأن الإنسان غصب عنه قلبه بيميل لصاحب الإيد اللي بتواسيه في محنته ! ..

واتعلمت إن الأفضل في الخدمة .. الست تخدم ست .. والراجل يخدم راجل ! ...



نرجع تاني لزيارتي الأولى لسجن النساء .. وصفارة السجان اللي تجيب التايه ! ..

عينيَّ كانت عاملة زي الكاميرا اللي مش عايزة  تفوتها حاجة ! ..

في أول الزيارة ضحكات وأحضان بين المساجين وأهلهم .. وفي آخرها دموع وفراق من تاني ! ...



أكتر منظر كسر قلبي بجد .. منظر الأطفال وهُمَّ بيفصلوهم عن حضن أمهاتهم ! .. صعب ! .. صعب أوي ! .. كدَّاب مين اللي قال إن اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على دماغه لوحده ؟! .. دي بتخر على دماغ كل اللي حواليه ! .. بهدلة للأهل العواجيز .. ويُتم للأطفال وأبوهم وأمهم عايشين .. وخراب بيوت وضياع سُمعة .. ووقف حال لبنات العيلة اللي كل جريمتهم إن حد في عيلتهم مسجون ! ...  



============

قعدت يومين بعد الزيارة الأولى للسجن مش باتكلم مع حد ! ..

كنت بافكر في معاملات الله العجيبة في حياة الناس ! ..

لما تشوفه وهوه ماسك المشرط زي الجرَّاح .. هايتهيألك إنها قسوة منه .. لكن في الوقت المناسب هاتفهم إنه كان بيستأصل الورم الخبيث عشان ينقذ حياتك ! ..   



بعد كده رحت السجن كتير .. وكان ربنا في كل زيارة بيعلمني حاجة جديدة ! ...



·         من المواقف اللي استوقفتني .. مرة مسجونة طلبت مني أبقى أزورها هيه كمان فاعتذرت لها لأن الوقت يادوب

مكفِّي السجينات اللي بازورهم .. فكان ردها عليَّ غريب جداً ! .. قالت لي: (أنا مش فاهمة إنتي مش عايزة تزوريني ليه ؟! .. ده أنا جاية السجن في قتل .. مش في حاجة وحشة !) ..



يا ساتر يا رب ! .. قتلت إنسان ولسه شايفة إنها أحسن من غيرها ! .. "لماذا تنظر القذى (يعني القشة) الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟" متى3:7 ..



·         وحصل موقف تاني يشبه له .. 

مرة مسجونة في عنبر السرقة قالت لي: (ماتبعتيليش حاجة تاني مع فلانة لأنها حرامية وبتسرق مني حاجات !) ..



طب أقول إيه ؟! .. قد كده يا رب إحنا مابنشوفش عيوبنا .. وكمان بنعايب ع الناس ؟! ...



·         واستوقفني مسجون أموال عامة قاللي: جريت ورا الفلوس لغاية ما جابتني هنا ! ..

ف الأول .. خسرت الوقت اللي ممكن أقضيه مع عيلتي .. عشان الألف تبقى عشرة ! ..

وبعد شوية .. خسرت مبادئي .. عشان المليون يبقى عشرة ! ..

وف الآخر .. خسرت الكل جوه السجن: كرامتي وعيلتي وحريتي وكمان فلوسي ! ...



·         وموقف كمان مع مسجونة تانية استوقفني ..

- قالت لي: أنا عارفة أنا هنا ليه ! .. أنا عمري مافكرت أروح كنيسة ولا صلاة ولا صوم ولا أي حاجة من دي ! .. فربنا قاللي (تعالي هنا بقَى!) ..

* قلت لها: قال لك كده لأن اللي مش بيروح الكنيسة بالذوق .. ربنا هايخلِّيه يروحها تحت تهديد السلاح ؟! ..

فبصِّت لي وهيه مش فاهمة أقصد إيه ! .. فقلت لها: حلو أوي إن ضميرك بيأنبك .. لكن الأهم من كده إنك تفهمي ليه ربنا سمح لك بالضيقة دي ! .. أنا هاحكيلك حكاية صُغيَّرة تفهِّمك قصدي ! ..

كان فيه واعظ بيحكي إنه لما بيشوف راعي أغنام بيحب يروح يسأله عن مهنته لأن الرب يسوع قال عن نفسه: "أنا هو الراعي الصالح" يوحنا11:10 ..

ففي مرة الواعظ شاف غنمة رِجلها مكسورة .. فراح يسأل الراعي عن سبب الكسر .. فالراعي قال له: "أنا اللي كسرت رجلها !" .. فالواعظ إعتقد إن الراعي مافهمش السؤال ! .. فعاد عليه السؤال مرة تانية .. والراعي كرر إجابته: "أنا اللي كسرت رجلها !" .. فاستغرب جداً الواعظ وسأل الراعي: "ليه ؟! .. ليه عملت كده ؟!" ..

فرَد عليه الراعي وقال له: "الغنمة دي مصممة تمشي بعيد عن القطيع ! .. كل ما عيني تغفل عنها لحظة أبُص ألاقيها بعدت ! .. أروح لها .. أشيلها على كتافي وأرجَّعها .. لكن برضه ترجع تبعد تاني ! .. فمن خوفي عليها لحسن في مرة تبعد ويطلع لها ديب ياكلها .. كسرت رجلها ! .. كسرت رجلها عشان باحبَّها !" ..

وإنتي ! .. فهمتي ليه الراعي كسر رجلك ؟ ..

إبتدي مع ربنا صفحة جديدة وصلِّي له .. وهوه بيفرح برجوعنا "متغاضياً عن أزمنة الجهل" أعمال الرسل30:17 ... 

- قالت لي: بس أنا مابعرفش أصلِّي ! ...

* قلت لها: ومين قال إن الصلاة محتاجة تعليم ؟! .. ربنا مش عايز كلام محفوظ أو مرصوص ! .. هوه بنفسه بيقول: "حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يُستجاب لهم" متى7:6 .. أبوكي عايش ؟ ...

- قالت لي: عايش ! ...

* قلت لها: فيه حد علِّمك لما تصحي الصبح تصبَّحي عليه ؟! .. فيه حد بيفكَّرك تشكريه على هدية جايبهالك ؟! .. فيه حد علِّمك تحكيله على مشاكلك ؟! .. فيه حد علِّمك تجري تتحامي فيه وقت الخطر ؟! .. فيه حد علِّمك تعبَّري له عن فرحتك بإنه أبوكي ؟! .. هيه دي الصلاة ! .. حوار من القلب مع الرب ! ...

- قالت لي: بس أنا أتكسف إن حد يشوفني باصلِّي ! .. هايقولوا عليَّ إيه ؟! ...

* فقلت لها: تتكسفي لو حد شافك بتصلِّي ؟! .. مع إن بيتهيَّألي لو واحدة زعَّلتك مش هاتتكسفي تعجنيها ! .. صح ؟ ...
- وشَّها إحمَر وإخضَر وقالت لي: صح ! ...

* قلت لها: صدقيني أنا مش باعايب عليكي لأني كنت بافكر زيِّك ! .. كنت كل ماحاول أتكلم مع حد عن ربنا .. إبليس كان يقوللي: (لأ ! .. مش كده ! .. مش معقول تتكلمي عن ربنا كل شوية ! .. إتكلِّمي في الموضة .. في الرياضة .. في أي حاجة .. لكن تتكلِّمي عن ربنا .. لأ ! .. الناس هايقولوا عليكي إنك إتدَروشتي !) .

يا ريتنا بنتكسف نعمل الحاجات اللي تكسف بجد ! ..

صحيح ربنا قال: "ومتى صليَّت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلّوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم ! وأما أنت فمتى صليَّت فادخل إلى مخدعك وأغلِق بابك، وصلِّي إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانيةً" متى5:6 ..

لكن إنتي في عنبر كبير .. وغصب عنك الناس هايشوفوكي .. فإوعي تسمعي لإبليس وماتصليش .. لأن اللي هايتَّريَق عليكي النهاردة لما يشوفك بتصلِّي .. هايعمل زيِّك بكرة لما يشوف قد إيه الصلاة غيَّرت حياتك ! ...

============

(تحبي تيجي معايا ؟) .. 3 كلمات دعاني بيهم الخادم لزيارة السجن .. وكانوا سبب بركة كبيرة في حياتي ! ..

طب ليه مانكونش إحنا كمان سبب بركة في حياة الناس ؟! ..

لما بنروح نسمع وعظة في بيت ربنا .. بنلاقيه مجهِّز لنا سفرة روحية كبيرة: تعليم يبنينا .. وتشجيع يرفعنا .. وتعزية تواسينا .. وتحذير ينبِّهنا ! ..

ليه بناكل لوحدنا ؟! .. وليه بندخل على ربنا بإيدينا فاضية ؟! ..

هوه عايز نفوس .. مش أي هدية تانية ! ..

إحنا شعب بيعز الرغي زي عينيه وفواتير الموبايلات شاهدة على كده .. فمش كتير أبداً على ربنا إتصالين تلاتة في الأسبوع بقريب أو صديق .. تقول له ال3 كلمات دول: (تحب تيجي معايا ؟) .. وتاخده معاك الكنيسة .. وربنا هايعمل الباقي ويغيَّر في الأفكار ويتعامل مع النفوس ! ...



ربنا استخدم ال 3 كلمات دول في تغيير نظرتي لحاجات كتير ! ...

فيه حاجات كانت مهمة بالنسبة لي لكن اكتشفت إنها تافهة وماتساويش ! .. وفيه حاجات كانت رخيصة في نظري لكن اكتشفت إن الحرمان منها صعب أوي ! ...

وكمان اكتشفت إن المساجين ناس زيِّنا بالظبط .. لو قابلتهم هاتستغرب إنهم مش زي الصورة المرعبة اللي إحنا راسمينها في خيالنا ! ..

أنا إيه اللي خلاَّني أكتب: (لو قابلتهم) ؟! .. طب ما إحنا طبعاً بنقابل تاجر المخدرات ومتعاطيها والحرامي والمختلس والنصَّاب والمرتشي ودافع الرشوة والمنحرفات والزناة (ستات ورجالة) ! ..

عايشين حوالينا وف وسطينا ! .. ولاَّ إحنا مش واخدين بالنا ؟! ..

بس كل الفرق بينهم وبين المساجين .. إن المساجين إتقبض عليهم لكن اللي برة السجن لأ ! ..

المساجين إتعاقبوا من القاضي اللي تحت .. لكن اللي برة السجن هايتعاقبوا من القاضي اللي فوق .. لأن لا المظاهر ولا المناصب ولا الفلوس هاتحوش عنه الحقيقة .. ولا هاتحوش عنهم عقابه ! .. "فلَيس عنده محاباة" أفسس9:6 ...  

وحتى القتل .. بقى موجود حوالينا بفظاعة بكل أشكاله ! ..

قتل مادِّي إيده طالت القريب قبل الغريب .. وإختلط فيه دم الضحايا بدم الضماير ! ..

وقتل معنوي بكلام بيدبح .. ومن مين ؟ .. من أقرب الناس ! ..

"يوجد مَن يهذر مثل طعن السيف" أمثال18:12 ..

اللي مايعرفكش مش هايعوز يحرق دمك .. لكن اللي بيحقد عليك وبيغير منك للأسف لازم يكون حد عارفك ! ...

تجربة السجن في حد ذاتها زي أي تجربة تانية مقصود بيها التأديب أو امتحان الإيمان .. "يذلك ويجربك ليعرف ما في قلبك" تثنية2:8 .. وبتكون مفترق طرق بالنسبة للمسجون .. ممكن بعدها يبعد أكتر عن ربنا ويزيد في شرُّه .. أو يتوب ويبتدي حياة جديدة مختلفة .. زي بالظبط ما بيحصل مع الناس اللي بيجيلهم مرض خطير لكن ربنا بيشفيهم منه .. أو الناس اللي بيتعرَّضوا لحادثة جامدة لكن ربنا بينَجِّيهم منها .. أو الناس اللي بيمرُّوا بأي محنة قاسية لكن ربنا بيسندهم فيها ! ..

دول كلهم كمان بيبقوا في مفترق طرق .. ساعات بعد التجربة بيكمِّلوا حياتهم عادي كأن شيئاً لم يكن .. وساعات بيقرروا يعيشوا لربنا لأنهم اختبروا إيده اللي بتلملم الشخص المنهار وبتدِّيله سلام وسط النار ! ...

اللي عايزة أوصل له إن زي ما إحنا مش بنيجي على الشخص اللي إتعرَّض لأي ظروف صعبة في حياته .. بل بالعكس بنكون متفهِّمين إن التجربة دي كانت لخيره لأنها قرَّبته من ربنا أكتر .. المفروض برضه إننا مانجلدش الشخص اللي ربنا سمح إنه يتسجن (بصرف النظر عن مظلوم ولاَّ مذنب .. وبصرف النظر عن نوع جريمته) .. لأن حتى أخطر المساجين لو سمعته وهوه بيقول: (مالقيتش حد يقوللي: عيب أو حرام) .. هاتشعر إنك مش أحسن منه .. لأنك لو كنت إتحطِّيت في ظروفه ومالقيتش اللي يعلِّمك تخاف ربنا .. مين عارف كنت هاتعمل إيه ؟! ...

لولا مَسـكِة إيـدك ليَّ .. كنت أضيع ويَّا اللي ضاع

أنا مش أفضل أبداً من اللي .. خان وأنكر واللي باع

يا ريت نخاف ربنا في المساجين وفي أهلهم ونبَطَّل نعايرهم .. لأسباب كتيرة:

* لأن كلنا بيوتنا من إزاز .. فمفيش داعي أبداً نحدِّف الناس بالطوب ! ..

"مَن كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجَر" يوحنا7:8 ...

* لأن كلمة "بِخ" مابتروحش ! .. يعني الزمن دوَّار .. "كما فعلت يُفعل بك" عوبديا15 .. وأصغر كلمة بتقولها على غيرك أو بتعايره بيها .. هاتلف الأيام وهاتتقال عليك أو على أغلى الناس لقلبك ! ..

"لا تَدينوا لكي لا تُدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تَدينون تُدانون" متى2،1:7 .. 

* لأن أي ضيقة تقدر تطول أي حد فينا ! .. سمعت عدد كبير من أهالي المساجين بيقولوا نفس الجملة: (إحنا كنا بنشوف السجن في الأفلام بس .. لكن ماكانش يخطر على بالنا أبداً إن هاييجي يوم ويبقالنا حد فيه !) ..

وفعلاً ياما ناس اتحبسوا في "عنبر التحقيق" لمدة شهور .. وأحياناً سنين .. وبعد ما التحقيقات خلصت .. طلعوا براءة ! .. ده غير نماذج "يوسف" الموجودة في باقي العنابر ! ..

كنت هاتحب إن الناس تعاملك إزاي لو ربنا سمح لك بتجربة زي دي ؟! ..

"كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم" متى12:7 ...

* لأن ربنا أخد حقه منهم .. ناخده إحنا تاني منهم ليه ؟! ..

كفاية عليهم أوي ذل السجن .. وربنا فعلاً مايحكم على حد ! ...

# حطِّيت نفسي مكان أطفال المساجين .. حسِّيت بإني عجِّزت زيُّهم قبل الأوان ! ..

الأولاد بيجروا ويلعبوا وفي آخر اليوم بيناموا في حضن أبوهم وأمهم .. لكن أنا عايش عند خالتي أو عمي لأن أبويا أو أمي في السجن ! .. وطبعاً أنا ضيف تقيل لأنهم شايفين إني باشارك ولادهم في الأكل والشرب ومكان النوم ! .. ولو أنا أو واحد من إخواتي عملنا حاجة غلط .. بيعايرونا بأبونا أو أمنا !

ده غير إن المصاريف الكبيرة بتاعة القضية والمحامين خلِّت إخوات بابا وماما يدّوا لنفسهم الحق إنهم ينقلونا من مدارسنا لمدارس أقل .. وطبعاً بابا وماما ماقدروش يفتحوا بُقهم ! .. يعترضوا إزاي ؟! .. مش كفاية فضحوا العيلة ! .. هاقول إيه ؟! .. ربنا يسامح دول ودول ! ..   

وحتى لما أمي خرجت من السجن وبقالنا بيت نعيش فيه .. ماكانش سهل إنها تلاقي شغل ! ..

تلاقي إزاي وكلمة "السجن" بتجيب ذعر لكل اللي بيسمعها ؟! .. وكأن المجرم ده هايفضل طول عمره خطر على المجتمع ومستحيل يتوب ويبقى إنسان كويس ! ..

دلوقتي أي حد في العيلة بيدفس مناخيره في كل أمورنا مادام بيساعدنا بحاجة ! ..

أنا دايماً باصلي وباطلب من ربنا إنه مايحوجناش لحد .. ولا حتى لأقرب الناس !

# لكن لما حطيت نفسي مكان أولاد المساجين اللي أعمارهم 20 سنة فما فوق .. حسيت بضياعهم وبخطورة غياب القدوة ! .

كل واحد من أصحابهم بيتباهى بأبوه وأمه لكن هُمَّ مضطرين يقولوا إن أبوهم مسافر أو إن أمهم ماتت ! .. أهو أي حجة يداروا بيها على غيابهم وخلاص ! ..

وحتى الزيارة .. بيبقوا مش عايزين يزوره لأن موضوعه ده كاسر عينيهم بين الناس ! .. ومنهم اللي بيقعد بالسنين فعلاً مايزورش أبوه أو أمه المسجونة ! ..

أنا حاسّة بيك أوي ومقدَّرة إنك ضحية ظروف مالكش أي ذنب فيها ! .. لكن إيَّاك تنسى إن مش إنت اللي هاتربي أهلك حتى لو غلطانين ! ..

بابا هوه بابا .. وماما هيه ماما .. تحترمهم وتشيلهم على راسك من فوق حتى لو كانوا في السجن ! ..

ربنا قال: "أكرِم أباك وأمك"، التي هي أول وصية بوَعد، "لكي يكون لكم خير" أفسس2:6 ..

خد بالك إن ربنا ماقالش: (إكرم أبوك وأمك اللي مش في السجن) .. لأنه عايزنا نكرمهم مهما حصل ! ..

إكسب رضاهم لأنك مش هاتشوف ريحة الخير لو حد فيهم غضبان عليك ! .. 

وصدقني ربنا مابيرجعش في وعوده ! ..

مادام وعد بخير للي يكرم أبوه وأمه .. يبقى هايجازيك بكل الخير ويحل لك المشاكل اللي إترتبت على موضوع السجن ده ! ...

# حطِّيت نفسي مكان أم مسجون .. قلبي وجعني على ضنايا مظلوم أو ظالم ! ...

# حطِّيت نفسي مكان أخو مسجونة .. حسِّيت بالانكسار بسبب معايرات مراتي اللي كل شوية تسمَّعني كلام زي السم: (الهانم أختك جابت لنا العار !) ... 

# حطِّيت نفسي مكان أبو مسجون .. حسِّيت بالعجز لأني مش قادر أزيح عن ابني ضيقته ! .. يا ترى أنا قصَّرت في تربيته ؟! .. معقول اللي هوه فيه ده بسبب الدلع ؟! .. ماكانش قصدي أضره ! .. أنا بس ماكنتش عايزه يطلع محروم من حاجة ! .. كان عقلي فين لما إبتدى يقوللي: (ما كل أصحابي بيعملوا كده ! .. متأخرش إيه يا بابا ؟! .. لما البنات دلوقتي بيرجعوا بيتهم بعد نص الليل .. عايزني أنا الولد أرجع بدري ؟!) .. وكنت باطاوعه عشان أبقى أب متحضِّر .. مش دقة قديمة ! ..

أنا اللي أستحق العقاب مش هوه .. لأني اهتميت أجيبله كل حاجة طلبها مني مهما كانت غالية .. لكن ف وسط الزحمة نسيت أعلمه يبقى راجل محترم ويُعتمد عليه ! ...    



# حطِّيت نفسي مكان مِرات مسجون .. حسِّيت إن ضهري إنحنى من تقل المسئولية لأني هاكون الأم والأب ! .. ولقيت قدامي طريقين:

يا إمَّا أمسك في ربنا أكتر من أي وقت تاني .. ويكون راجلي وسندي .. أتقوَّى بيه وأتحامَى فيه .. لإن فيه ناس لما بيلاقوا تورتة صاحبها غايب .. بينهشوا فيها ! ..

يا إمَّا تتلم الحية على بنت حوَّا .. والفهلوة والذي منه يشتغلوا لتسديد الاحتياجات ! ... 

ربنا يحمينا من نفسنا ! ...

(عايزة أقول لكل زوجة مسجون:

أنا عارفة إن زيارة جوزك في السجن بتكلف فلوس كتير .. لكن صدقيني هوه مش محتاج للي هاتشتريهوله قد ما محتاج دَخلِتك عليه ! .. محتاج يحس إن عيلته فاكراه وبتشاركه في مشاكلها ! ..

صعب أوي على الأب إنه يشعر بإن ولاده ركنوه ع الرف ومابقالوش كلمة عليهم .. فحرام عليكي تغيبي عنه بالشهور وتحسسيه أكتر بعجزه عن التدخل في أي حاجة !) ... 



# حطِّيت نفسي مكان جوز مسجونة .. عايز الحق ولاَّ ابن عمه ؟! .. قدام الناس أنا زعلان عشانها ومحتاس من غيرها .. لكن بيني وبين نفسي فرحان إن جاتلي أجازة زوجية لحد عندي ! .. وإن غاب القط إلعب يا فار ! ...

(دي ردود الأفعال اللي شفتها بتحصل بشكلٍ عام لكن لكل قاعدة شواذ ! ..

شفت نسايب كانوا أحن على المسجون من إخواته .. وشفت إخوات مازاروش المسجون ولا مرة بحجة إنهم مش قادرين يشوفوه في السجن ! ..

من الحاجات اللي سمعتها ومش بانساها .. لما مسجونة قالت لي: أنا باتمنى إن أي حد من أهلي ييجي يزورني ولو لدقيقة واحدة .. حتى إن كان هاييجي عشان يشتمني ويمشي على طول .. بس ييجي !) ..

= = = = = = = = = =

نضافة الجسد محتاجة مية وصابون .. لكن نضافة الروح .. محتاجة فرن ودرجات حرارة عالية ! ...

عشان كده تعددت أسباب "بطن الحوت" .. لكن الهدف الإلهي واحد: "التنقية من الشوائب" ! ..

والنار مش بتحرقنا إحنا لكن بتحرق:

1 - شائبة "المناخير اللي في السما" ..

"مَن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذله" دانيال37:4 .. فتبُص تلاقيه وطَّاها وبقى متواضع ! .. "تواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه" 1بطرس6:5 ...

2 - وشائبة "الاتكال على الامكانيات الذاتية" ..

"الرب أعد حوتاً عظيماً ليبتلع يونان" يونان17:1 ..

و"الرب أمر الحوت فقذف يونان إلى البر" يونان10:2 ..

يعني م الآخر كده .. ربنا صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ف اللي إنت بتمر بيه ! ..

هوه اللي سمح بدخولك في التجربة .. وهوه بس اللي يقدر يخرَّجك منها ! ..

فالشخص قدام عجزه عن الحل .. بيبطَّل تاخده الجلالة ويقول: (أنا أقدر أعمل وأسوِّي !) .. لكن بيتعلم يستنى ربنا ! .. "أين آلهتك (مركزك وفلوسك أو جمالِك) التي صنعتَ لنفسك ؟ فليقوموا إن كانوا يخلّصونك في وقت بليِّتك" إرميا28:2 ..

3 - وشائبة "عدم تقدير نِعم ربنا" ..

إحنا غرقانين في خير مالوش حدود ومع كده شكرنا لربنا محدود جداً لأننا مش مقدَّرين قيمته ! ...

لو مسكنا أبسط تفاصيل الحياة اليومية .. مرة نزلت أشتري شبشب لمسجونة .. وكان نفسي أجيب لها حاجة تعجبها مش أشتري وخلاص .. فوقفت محتارة أجيبه بكعب ولاَّ من غير .. مفتوح ولاَّ مقفول .. لكن لقيت إن في كل الأحوال هيه مضطرة تلبس على مزاج اللي هايشتريلها .. مش على مزاجها هيه ! ...

نزلت آلاف المرات عشان أشتري لنفسي حاجات .. فلوسي في جيبي والمحلات في الشارع .. لكن دي كانت أول مرة أحس إنها نعمة كبيرة أوي إني باختار اللي هاشتريه ! ...

من ساعة مارُحت السجن ابتديت آخد بالي من حاجات عمري ما فكرت أشكر ربنا عليها ! ...

بقيت باشكر ربنا إن عندي تلاجة وسخَّان وسرير ودولاب ! .. وباشكره ع الهدوء والدفا اللي بانام فيهم ! .. وباشكره إني بامشي في الشارع ! .. وباشكره إني أقدر أطلب الدكتور والدوا بالتليفون ! .. ولما العيلة بتتلم .. باشكر ربنا على وجودي في وسط أهلي ! .. وباشكره ع الألوان .. (المسجون مش من حقه يلبس غير قميص وبنطلون كحلي .. والمسجونة مش من حقها تلبس غير جلابية بيضا) ! .. وحتى الربع جنيه اللي ماستجريش أدِّيه للمنادي بتاع العربيات لحسن يرميه في وشِّي .. باشكر ربنا إني أقدر أمسكه في إيدي .. (ممنوع على المسجون يمسك في إيده أي فلوس) ! ...

أما لو اتكلمنا عن الصحة .. فمشوار صغيَّر لأي مستشفى هايثبت لك إنك "بنك مركزي متحرك" حتى لو جيبك مافيهوش جنيه واحد .. لكن مين بيفكر يشكر ربنا على فص الكبد اللي بالشيء الفلاني .. وعلى مفاصل الإيدين والرجلين اللي بمبلغ وقدره .. وعلى الكِلى السليمة لأن الغسيل عايز ميزانية لوحده ؟! ..

الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. ولكن لا يشعر بقيمته إلا المرضى ! ...

= = = = = = = = = =

أول ما حد بيعرف إني باخدم في السجن .. على طول بيسألني نفس السؤال: السجن ؟! .. وليه السجن ؟! .. ما تروحي تخدمي في "دار أيتام" ولاَّ "دار مسنين" ! ...

* ودايماً باجاوب بنفس الجواب: لما بتروح تشتغل عند حد .. بتقول له: (أنا عيِّنت نَفسي في القسم الفلاني ؟!) ...

- بيقوللي: لأ ! ...  

* باقول له: الخدمة كده بالظبط ! .. باخدم يعني باشتغل عند ربنا ! .. هوه اللي بيقرر يشغَّل مين فين ! .. لو كلنا خدمنا الأيتام .. مين هايخدم مرضى الجُزام ؟! .. ولو كلنا خدمنا المسنين .. مين هايخدم المعاقين والمكفوفين ؟! .. ومين هايخدم مرضى المستشفيات ؟! .. ومين هايخدم "العائلات المستورة" ؟! .. ومين هايخدم المساجين ؟! .. ومين هايخدم في قوافل الرحمة اللي بتوصل لقرى تحت خط الفقر في الصعيد ؟! ...

- يقوللي: بس أنا شايف إنك ماتنفعيش لأن دي خدمة صعبة أوي ! ...

* أضحك وأقول له: وربنا حَطِّني فيها لأني حقيقي مانفعش ! .. والسبب هوه إن لما الخدمة تنجح وتجيب ثمر .. أرَجَّع كل الفضل والمجد لربنا لأني من جُوَّايا مقتنعة فعلاً إني مش قدَّها وإن النجاح ماجاش بشطارتي أنا ! ..

وبما إن الخدمة دعوة وتكليف من ربنا .. يبقى هوه المسئول عن كل حاجة تلزمها ! .. "مَن تجنَّد قَط بنفقة نَفسه ؟" 1كورنثوس7:9 .. يعني مين جندي طلبوه للحرب وقالوا له :(إبقى هات معاك دبابة وشوية ذخيرة !) ؟! ..

لما ربنا بيبعتنا في مشوار .. بيتكفِّل هوه بكل مستلزمات المشوار .. المعنوية والمادية كمان مهما كانت كبيرة ! .. فلو الواحد عايز يخدم .. آخر حاجة يتشال همَّها في الخدمة هيه الفلوس ! ..

بيدخل علينا الشتاء .. بالاقي ربنا دبَّر اللي يبعت بطاطين للمساجين ! .. بييجي موسم دخول المدارس .. ربنا بيبعت اللي يدفع مصاريف طفل واللي يشارك كل شهر في درس خصوصي ! .. العيد ع الأبواب .. بالاقي ربنا رتب اللي يبعت حتى الطراطير والزمامير عشان يفرَّح الأولاد ! .. فاتعلمت إن محدش محتاج يستعطف حد عشان يتبرع لأي عمل خيري .. لأن ربنا بيسدد بطريقته الأساسيات وأصغر الاحتياجات كمان ! ...

زمان كنت فاكرة إن المخدوم بس هوه اللي بيستفيد من الخدمة .. لكن اكتشفت إن الخدمة بركة كبيرة أوي للخادم ! .. كفاية إنها بتخرَّجه برة ال"أنا" .. وبتعلمه إن فيه "آخَر" له حق في وقته وفي مجهوده وفي فلوسه ! .. فما استحَق أن يولد مَن عاش لنفسه فقط ! ...

في الوقت نفسه الخدمة مش وصفة لعلاج الزهق ! .. وماينفعش إن الشخص يستحسن نوع معين من الخدمة ويقرر يخدم فيه من غير ما يتأكد إن ده المجال اللي ربنا عايز يشغَّله فيه .. وإلاَّ ثمر خدمته هايبقى صفر لأنه بيخدم بيت الرب .. مش بيخدم رب البيت ! ...

والخادم مش شخص ماوراهوش شُغلة ولا مشغلة .. لكن الخادم هو رجل أعمال من الطراز الأول لأنه عامل صفقة مع ربنا مكسبها كبير ومضمون .. وشعارها: "يا رب أنا هاهتم بأمورك وإنت تهتم بأموري !" ...

سر تعاستنا مش بسبب الحاجة اللي ناقصانا .. لكن بسبب إننا عايشين لنفسنا وبس ! ..

طبيعي إن قلوبنا تموت لما نموت .. لكن اللي مش طبيعي أبداً إن قلوبنا تموت وإحنا أحياء ! ... قلب بينبض وبس .. ده قلب حيوان ! ..

لكن قلب بينبض وبيحس بغيره .. ده قلب الله ! ..

إدِّينا قلبك يا رب عشان نحس ببعض ! ...

تقدمها لكم على صفحات دعوة للجميع مريم عبد الملك

 

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube