افتح بابك

PDFطباعةأرسل إلى صديق

في المدن المتوحشة اناس يحتجزون اناساً اخرين
ليعيشوا معا كما يعيش النحل في الخلية
ولكن الخلية تزدحم بهم
وهم يتكدسون بعضهم فوق بعض
نحو السماء


فيعانون المعاناة وكأنهم في سجن
فيتلاقون من بعيد وكأنهم في دائرة
عائلات تفرقت ولم تعد جسداً حياً
وافرادها المشتتون
ينزفون ولا من يشفي جراحهم
وحتى الزوجان انفسهما
طالما ظنا انهما متحابان
باتا مكتئبان .. منعزلان بعضهما عن بعض
يجمعها فراش واحد .. وتفرقهما عزلتهما
وكم من بحارة متوحدين
لم يجدوا ميناء ليتزودوا بالمؤن
وليشاركوا غيرهم في ذهبهم الخالص
يسحبونه من خزائن قلوبهم
بل هم ينساقون على غير هدى
تتقاذفهم الرياح المتقلبة
فيرسلون اشارات الاستغاثة
في الليالي الحالكة
ولكن من تراه يلتقط اشاراتهم ؟
من تراه يخرج من بيته ؟
فمن يؤثر الخروج الى حيث الصقيع
وقد اعتاد الدفء؟
وكم من اناس
متحررين كما يزعمون
من المحرمات القديمة
ومن اصابعهم
ومن شفاههم
ارادوا الاتحاد بأخوتهم
ولكنهم تحولوا الى اشخاص شرهين
فأجسادهم تنزلق بعضها على بعض
بدون ان يجدوا
لا القلوب ولا المفاتيح ولا الابواب
وكم من اناس يصمتون
وهم ينغلقون على انفسهم فيتأملون
في حين ان اخرين يتكلمون
فيلقون كلماتهم امام غيرهم
ولكن في اللحظة عينها
يُلقي غيرهم كلماتهم
فتصطدم الكلمات
وتسقط على الارض وتمحى
وكم من اناس
يحلمون باللقاء
ولكننا نسمع كل منهم يقول :
رغبت فيه لاصطحبه الى داري
ولكنه رغب فيّ ليصطحبني الى دارهُ
فبقى كل منهم في داره .. متزوجا حلمه


وفي خضم كل ذلك
اطفال يبكون وهم يبحثون
عن احد ينادونه " يا ابي "
ومرضى يصرخون من شدة المهم
وعجزة ينازعون
وهم يعيشون ساعاتهم الاخيرة
اما نحن
فنسعى لتسكين الامهم
واراحة ضمائرنا
ولكن ما من علاج
ولا دواء
مهما حلى طعمه
بوسعه ان يحل محل قبلة دافئة


وهكذا
يتزايد الذين ينحبسون في وحدتهم القاتلة
رغم الجموع
ورغم الضجيج والاغاني
ورغم الايادي الممدودة
والاجساد التي تعرض نفسها
ورغم الافكار الحسنة .. والمشاعر الحميدة
ورغم الكفاح والانتصارات
في سبيل العدالة
ورغم القوانين وجميع الانظمة
ورغم العلوم وكل التقنيات
رغم كل شيء


لن يخرج الناس ابداُ
من سجونهم
ان لم يُحَبوا وان لم يُحِبوا

 


من كتاب حدثنى عن الحب لميشيل كواست

 

 

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube