الرئيسية وثائق و ملفات اقلام حرة بين محبة النفس و انكار الذات‏

بين محبة النفس و انكار الذات‏

PDFطباعةأرسل إلى صديق

يقول المشير المسيحي ديفيد كارلسون David Carlson: "إن محبة النفس، كما أفهمها من المنظور الكتابي والنفسي، تتضمن ما يلي:

(1) أن أقبل نفسي كابن لله محبوب، وذو قيمة، وقادر على إنجار المهام.

(2) أن أكف عن اعتبار نفسي محور الكون.

(3) أن أقر بحاجتي إلى غفران الله وفدائه. فالتقدير الذاتي المسيحي ينتج عن تحويل المفهوم "أنا الأعظم، أنا الأحكم، أنا الأقوى، أنا الأفضل" إلى مفهوم "أنا ما عليه، إنسان مخلوق على صورة الله، خاطئ مفدي بنعمة الله، وعضو هام في جسد المسيح."

 

ومنذ سنوات عديدة، أوضح أيضاً المشير المسيحي بروس نارامورBruce Narramore ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لقبول النفس، حين قال:

"بالمقارنة مع وجهات النظر العلمانية، فإن المنظور المسيحي لتقدير الذات يمثل بنداً قائماً بذاته. فهو الوحيد الذي يرفع الإنسان عن الحيوانات، وهو حده الذي يضع اساساً متيناً لبناء التقدير الذاتي. إن المنظر الكتابي للإنسان يقر بخطايانا وسقطاتنا، ولكنه لا يحقر من قيمتنا الداخلية، بصفتنا مخلوقات الله الحي.... وحيث أننا قد خُلقتنا على صورة الله، فإن لنا قيمة كبيرة، وأهمية كبيرة. نحن محبوبون من الله، ونستحق حب أنفسنا وحب الآخرين."

إن الخطية تقطع علاقة الإنسان مع الله، ولكنها لا تلغي حقيقة كوننا في نظر الله أناساً، هم رأس خليقته، وذوي قيمة كبيرة.

يعتبر الكتاب المقدس أن محبة النفس أمر بديهي. بعض المسيحيين يجدون صعوبة في قبول هذا الاستنتاج، لأنهم يخلطون بين محبة النفس وبين الاستعلاء أو الإرادة الذاتية المعاندة أو الكبرياء المتمركز حول الذات. ولكن محبة النفس لا تعني الهيام والافتتان بالنفس، وإنما تعني ان نرى أنفسنا كخطاة نالوا الخلاص بالنعمة، أناس مخلوقين ومحبوبين ومُقدرين من الله، أعضاء موهوبين في جسد المسيح (إذا كنا مسيحيين)، وحاملين لصورة الله.

يجب التأكيد على أن تقدير الذات لا يعني عبادة الذات، وأن محبة الذات لا تساوي الأنانية، وأن إثبات الذات يختلف عن الغرور، وأنه في إمكاننا أن نكون مُدركين لأنفسنا بدون أن نكون متمركزين حولها، وأ، إنكار الذات لا يعني تحقير الذات، وأن خلع طبيعتنا الخاطئة لا يعني التقليل من شأن أنفسنا، وأن التواضع يختلف عن إذلال النفس، وأن عدم الاستحقاق لا يعني انعدام القيمة. قد يكون للمسيحي تقدير إيجابي لذاته، ليس بسبب الأعمال البشرية والطبيعة البشرية، ولكن بسبب نعمة الله وفدائه الإلهي.

لا ينبغي للمؤمنين أن يعيشوا الحياة المتمركزة حول الذات، من أجل تحقيق شهوتها، وإثبات نفوذها، وإنما يجب أن نتخلى عن الطموح الأناني الشخصي بحيث يمكننا أن نخدم الله طواعية. إن إنكار الذات يعني "أن نجعل الله المبدأ المسيطر، بل أكثر من ذلك الشهوة المسيطرة، على حياتنا. إنحياة الإنكار المستمرة للذات هي حياة التوافق المستمر مع الله".

غير أن هذا لا يعني أن الشخص الذي ينكر الطموح الأناني أو الاندفاع لإرضاء الذات يجب أيضاً أن ينكر مواهبه المُعطاة له من الله.

فإذا أنكرنا وجود هذه المواهب، نحن نمارس خداع النفس وليس إنكار النفس.

فإن الشعور بالانتماء والقيمة والجدارة، يأتي من كوننا محبوبين ومحفوظين من الله العلي القدير، الذي يعملنا عن الغفران الإلهي ، ويمنحنا قدرات ومواهب فريدة، ويجعل منا خليقة جديدة، ويعطينا السبب الحقيقي لتكوين صورة ذاتية صحية، لأننا قد اُفتدينا بالمسيح.

في الكنيسة يجب أن يتعلم المسيحيون كيف أنهم يستطيعون أن يحبوا أنفسهم لأنهم محبوبون من الله، ولأنه جعلهم أولاده. نحن نستطيع أن نُقدر وأن نقبل قدراتنا ومواهبنا وإنجازاتنا، لأنها ممنوحة من الله.

جاري كولينز

المشورة المسيحية

"الله يريدنا أن نحب في أنفسنا النفس التي خلقها علي صورته، المستحقة للرعاية والحماية حتي تنمو بصورة سليمة. لابد بالفعل من تهذيبها حتي تأتي بثمر، وليس إتلافها."

د. بول تورنييه - من كتاب الأقوياء والضعفاء

 

Facebook

Twitter

Facebook

YouTube