هل هناك جهاد في المسيحية؟

طباعة

لا ريب انه قد تبادر لذهنك عزيز القارئ صورة الفارس الصليبي الذي يحمل ترسا عليه اشارة الصليب ، لا ألومك على هذا ولكن هنا نقطة يجب ان نوضحها هو ان كل تلك الحروب التي قامت إبان العصور الوسطى باسم المسيح  لم تكن حروبا ربانية البتة فلم يامر الرب يسوع بتمجيده اسم الله بحد السيف ولكن بالكلمة الطيبة فحتى عندما جاء طالبوه ليقبضوا عليه امر احد تلاميذه ان يرد سيفه وكذا طوال مدة اعتقاله حتى موته على الصليب لم يستخدم سيفا ولا حتى دعاء ضد أعدائه برغم انه كان في يده ذلك .

لحقيقة ان كل تلك الحروب التي حمل فيها الصليب لم يكن للرب يد فيها فكل تعاليم الرب يسوع المسيح ليس فيها امر واحد بتاسيس دولة او مملكة مسيحية لان مملكة الرب الحقيقية ليست من هذا العالم ولم تستخدم كلمة دين الا لاحقا بل نحن البشر من قننا علاقتنا بالرب ام السيد المسيح فلم يدعو سوى لتأسيس علاقة مباشرة مع الله .

لذا لا تدع شطحات الكتاب تاخذك بعيدا عندما يتحدثون عن جرائم ارتكبت بحق البشرية باس السيد المسيح فليس كل من يولد من ابوين مسيحيين او علق على صدره شارة الصليب يصبح مسيحي ولكن المسيحي الحقيقي من يتبع السيد المسيح حق الإتباع .

واريد ان اذكر هنا ان الغوغاء التي هاجمت اورشاليم تحت اسم الحملات الصليبية قتلت من المسيحيين في اورشاليم ومن المسلمين ونهبتهم وهذا يدل على انها حملة أطماع إنسانية وليست حملة لتمجيد اسم الرب ، كذا الحال في امر الاحتلال البريطاني لعدن رغم ان بريطانيا تدين بالمسيحية ولكن الحقيقة احتلالها لعدن كان لأغراض استراتيجية و سياسية بحتة وكذا الحال في الاحتلال التركي لصنعاء فالدولة العثمانية كنت مسلمة وصنعاء مسلمة فما كان الخطب اذاً ؟ انها الاطماع البشرية بلا ادنى شك .

ليس ما حدث في البوسنة والهرسك ببعيد من قتل وسفك لدماء الابرياء من المسلمين والكروات حيث قام الصرب بمجازر عرقية ضد المسلمين والمسيحيين ايضا من غير فصيلتهم زاعمين تطهير بلدهم المسيحي من المسلمين غير المؤمنين ولكن الحقيقة انها حرب عنصرية كان الهدف من ورائها قتل غير الصرب وهذا ما يدل على قتلهم الكروات وهم مسيحيين مثلهم وكالعادة تم الزج باسم الرب المبارك في هذه الحرب شأنهم شأن من سبقهم من مجرمين فويل لهم من يوم الدينونة يوم يحاسبهم الرب على كل افعالهم إذ كل نفس بما كسبت رهينة يم يسئلهم الحق الديان عن تلك النفوس بأي ذنب قتلت .

ولا يهولنك ما يحدث اليوم في العراق مثل فضيحة سجن ابو غريب فلو قسنا على احد أولئك النفر من الجنود لوجدنا انهم ليسوا اكثر من مسيحيين اسميين اي انهم لا يتبعون السيد المسيح البتة وليس لهم سوى شارة الصليب التي يعلقونها على صدورهم فلو كانوا حقا مسيحيين لكان الاولى ان لا يفعلوا ذلك فلم يامر السيد المسيح بتعرية الناس والتمثيل بهم وضربهم  .

قال لي اخ مسلم اسمه مْسَلَمْ بن قريض المنهالي ، ما مفاده ان الانجيل (العهد الجديد ) امر بالجهاد وهنا اريد ان ابين مسئلة الجهاد المسيحي كما تفضل بشرحها موقع النور وقد نشرتها بتصريح منهم :

هل هناك جهاد مسيحي ؟

نعم هناك جهاد في المسيحية!!

ولقد ربط الكتاب المقدس الجهاد في المسيحية بالإيمان وحياة القداسة والطهارة والحب لكل الناس حتى الأعداء. إن الجهاد في المسيحية معناه الجهاد ضد الخطيئة ...

لا يوجد في المسيحية أي نوع آخر من الجهاد سوى الجهاد ضد الأثم وضد شهوات الجسد والكراهية والبغض والحقد والحسد والزنى والذم في الآخرين والقتل والأضطهاد. إنه الجهاد الذي يصل بالانسان إلى حياة الألتصاق بالله والحب والنقاء والصفاء والسلام الكامل الداخلي مع الله والناس.



·  تعليم المسيح عن الجهاد:

كما جاء في إنجيل لوقا 13: 24 « ابْذِلُوا الْجَهْدَ لِلدُّخُولِ مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَسْعَوْنَ إِلَى الدُّخُولِ، فَلاَ يَتَمَكَّنُونَ. »

إن باب الإيمان بالمسيح باب ضيق وقليلون هم اللذين يدخلون منه لأنه يتطلب الإيمان الكامل بعيسى المسيح فادي البشرية ومخلص العالم.



·  اعمال المسيح تبين الجهاد الحقيقي:

في إنجيل يوحنا 18: 35-36 فَقَالَ بِيلاَطُسُ: « وَهَلْ أَنَا يَهُودِيٌّ؟ إِنَّ أُمَّتَكَ وَرُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ سَلَّمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. وَلَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ حُرَّاسِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. أَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هُنَا ».

في هذه القصة عند حدوث القبض على المسيح لم يسأل المسيح أي من أتباعه وتلاميذه أن يستلوا السيف للمقاومة أو لقتل الجنود الرومان الذين أتوا للقبض عليه. لأن ملكوت المسيح ملكوت روحي والجهاد في هذا الملكوت جهاد روحي بحت.



·  تعاليم تلاميذ المسيح عن الجهاد:

في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 12 « أَحْسِنِ الْجِهَادَ فِي مَعْرَكَةِ الإِيمَانِ الْجَمِيلَةِ. تَمَسَّكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي إِلَيْهَا قَدْ دُعِيتَ، وَقَدِ اعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ (بِالإِيمَانِ) أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. »

ورسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس 4: 7 « قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، قَدْ بَلَغْتُ نِهَايَةَ الشَّوْطِ، قَدْ حَافَظْتُ عَلَى الإِيمَانِ. »

وفي رسالة بطرس الثانية 3: 14 « فَبَيْنَمَا تَنْتَظِرُونَ إِتْمَامَ هَذَا الْوَعْدِ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، اجْتَهِدُوا أَنْ يَجِدَكُمُ الرَّبُّ فِي سَلاَمٍ، خَالِينَ مِنَ الدَّنَسِ وَالْعَيْبِ. »

وكذلك بطرس الثانية 1: 5-7 « فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْذُلُوا كُلَّ اجْتِهَادٍ وَنَشَاطٍ فِي مُمَارَسَةِ إِيمَانِكُمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِكُمْ إِلَى الْفَضِيلَةِ. وَاقْرِنُوا الْفَضِيلَةَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَالْمَعْرِفَةَ بِضَبْطِ النَّفْسِ، وَضَبْطَ النَّفْسِ بِالصَّبْرِ، وَالصَّبْرَ بِالتَّقْوَى، وَالتَّقْوَى بِالْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ، وَالْمَوَدَّةَ الأَخَوِيَّةَ بِالْمَحَبَّةِ. »

لم يشهد التأريخ عن أي من أتباع المسيح وتلاميذه أن رفع السيف دفاعاً عن إيمانه أو عن الله. إن الله قادر أن يدافع عن نفسه، أنه لا يحتاج للبشر للدفاع عنه.

إن الجهاد الحقيقي هو جهاد الحب والخير والسلام.

ترى يا صديقي العزيز ماهو نوع الجهاد الذي أنت تجاهده الآن؟!

تعال إلى نبع السلام الصافي إلى رب البشر ومانح الغفران. إنه يدعوك الآن فهل تلبي النداء؟

لقد نادى المسيح عيسى قائلاً في إنجيل متى 11: 28-30 « تَعَالَوْا إِلَيَّ يَاجَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالرَّازِحِينَ تَحْتَ الأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ، وَتَتَلْمَذُوا عَلَى يَديَّ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا الرَّاحَةَ لِنُفُوسِكُمْ. فَإِنَّ نِيرِي هَيِّنٌ، وَحِمْلِي خَفِيفٌ!»

المصدر : http://www.arabicnoor.com/common6.html