ثبتت في وحدتها بثمن باهظ من العَرق والدموع والدماء. بيد أن أعداء آخرين من الداخل طعنوها بأوجاع الانقسامات، فما أن لاحت تباشير القرن الثاني حتى تفشَّت فيها آراء خاطئة ومذاهب شاذة، وكثُر الجدل العقائدي الذي نجَم عن البدع التي تسرّبت إلى الكنيسة المنظورة. ولكن معجزة المسيحيّة هي أنها غير قابلة للتدمير، ولم يكون للردّة أو الضعف أو الخطية قدرة على ملاشاة الكنيسة التي تأسست على المسيح بحيث أن »أَبْوَابَ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا« (متى 16:18).
وفي غمرة الأحداث المعاكسة للمسيحية قام رجال مخلِصون تصدّوا للآراء الخاطئة والفلسفات الملتوية. صحيح أن عدداً كبيراً من الأتباع أحبوا العالم الحاضر وتحالفوا مع أبناء هذا الدهر للعمل على تحوير العقائد المسيحية وجعلها تتماشى مع أفكار هذا العالم، ولكن المسيحيّة لم تنجذب بهذا الإغراء، فرفضت صفوتُها المختارة المتمسّكة بتعاليم الإنجيل الخروج على رسالتها التي تسلّمتها من الرسل، واستطاعت رغم التيار المعاكِس أن تغلب العالم، وأن تنفث روح المقاومة في الفاترين من المسيحيين، مقدِّمة في أشخاص شهدائها أمثلةً رائعة في البسالة والأمانة.
ولم تلبث المسيحيّة أن انتشرت وصارت قوة منظورة يُحسب لها حساب، فرأى العالم الوثني فيها المنقذ له من دياجير الوثنية وأوهامها. فأقبل الناس بكثرة لاعتناق المسيحيّة ولعبادة الإله الحي الذي نادت به.
كان الفوز عظيماً حقاً، وإنما للفوز أخطاره. فمع انتشار المسيحيّة بسرعة، وحصول الكنيسة على الكرامة والسلطان، تسرّبت إليها المطامع والأهواء. فالأمبراطور قسطنطين، الذي أعطى المسيحيين حرية العبادة، اعتنق الدين المسيحي وجعله دين الدولة. ويبدو أنه اتخذ هذه الخطوة كمقدمةٍ لبسط نفوذه عليها. وقد تمَّ هذا فعلاً، ولكن الكنيسة دفعت الثمن غالياً، لأنه لم يمض وقت، حتى زعمت الدولة أن من حقها الإشراف على السلطة الروحية.
كانت الكنيسة قبلاً تحيا وحدتها بالإيمان الحي الذي وحدَّ المؤمنين جميعاً بالمسيح رأسهم. ولكن ما أن قبلت الكنيسة أفكار العالم ونظمت دستورها بمعرفة الدولة حتى أُصيبت بعللٍ مختلفة أنشأت في أفكار الناس الزعم بضرورة الرئاسة الظاهرة. وقام منظّموها المعتادون على رسوم وتقاليد المملكة الأرضية، وأدخلوا أفكارهم وعوائدهم إلى كنيسة المسيح، وعملوا على تنشئتها على نسق نظام الحكومة السياسية. وزعموا أن الكنيسة ستنمو حين تقيم أساقفة ورؤساء أساقفة وبطاركة وباباوات، وطقوساً واحتفالات ضخمة. فانفردت الكنيسة الحية تدريجياً، داخل قلوب قليلة، لم تشأ التسليم بالأفكار الجديدة. ولكن الكنيسة العالمية بأفكارها ظهرت في حيّز الوجود، وادَّعت أن جميع أنظمتها وطقوسها الجديدة ترتيب إلهي، وعلّم قادتها أن الخلاص لا يُنال إلا بواسطة الطقوس التي وضعوها، وأن المسيح أعطى الرسل مسحة الروح القدس، والرسل بدورهم أعطوها للأساقفة.
كان الرسل قد علَّموا أن الإيمان لازم لعضوية الكنيسة، ولكن الكهنة جعلوا عضوية الكنيسة علّة الإيمان. وتشعَّبت هذه الآراء تدريجياً، ونجم عنها تفاوتٌ بين الإكليروس (رجال الدين) وعامة الشعب. وأيضاً علَّم بعضهم أن خلاص النفس يتوقف على الاتحاد بالكنيسة ووكلائها، فأصبح الرؤساء هم الوسطاء الحقيقيين لرعاياهم، متغافلين عن تعليم الإنجيل الذي يقول إن كل المسيحيين الحقيقيين هم كهنة وملوك لإلهنا (رؤيا 1:5 و6 و5:10). وهكذا شيئاً فشيئاً تشبَّهوا بكهنة اليهود كما كان في العهد القديم، ولم يلبثوا أن قالوا بلزوم رأسٍ واحد منظور للكنيسة. ومع أننا لا نجد في الإنجيل رسماً لترؤّس بطرس على بقية الرسل، ومع أن الإنجيل يعلّم بوجود سيد واحد ورب واحد، ويأمر التلاميذ أن يخدموا بعضهم بعضاً، ومع أن المسيح وبَّخ تلاميذه حين بدت عندهم رغبة في الترؤس. اخترع رجال الكنيسة رئاسة وهمية لبطرس، ثم تجاسروا على الادعاء أنهم خلفاؤه في روما.
ولا شك أن وجود عدة بطاركة أعان على نشر الدعوة لإقامة رئاسة منظورة للكنيسة، لأنه في القرون الثلاثة الأولى كانت كنائس عواصم الممالك قد نالت كرامات خاصة. وحين نتأمل في القانون السادس لمجمع نيقية نرى ذكر ثلاث مدن تمتّعت كنائسها بسلطان على كنائس الأقاليم المجاورة لها، هي الاسكندرية وروما وأنطاكية. وكان هذا الامتياز وفقاً لإرادة القياصرة، الذين أرادوا تنظيم الكنيسة على نمط الحكم السياسي. وأُعطي هذا الامتياز في ما بعد لكلٍ من القسطنطينية والقدس.
ولما انفصلت القسطنطينية عن الغرب، التفّت الكنائس الغربية حول روما فتعّزَزت سلطتها. ومما زاد في قوتها أن الملوك والرؤساء الذين تمرد عليهم رعاياهم عرضوا طاعتهم على روما بشرط أن تساعدهم على إخضاع رعاياهم. وكذلك الرعايا أنفسهم استنجدوا برومية على ملوكهم، فصارت هي الرابحة سواء غلب هذا الفريق أو ذاك.
ومما ساعد على امتداد سلطة روما تغلُّب البرابرة على ممالك الغرب وإقامتهم فيها، لأن هؤلاء بعد أن شبعوا من الحروب والنهب ألقوا سيوفهم أمام حبر رومية حين لاقاهم، فتتلمذوا إلى الديانة المسيحيّة على يده. وبواسطة مساعدتهم امتدَّت سلطته إلى ممالك الغرب كلها.
وبينما كانت هذه الأمور تجري في الغرب، اجتاح العرب قسماً من الإمبراطورية الشرقية، فضعفت سلطة قيصر القسطنطينية، وتبعاً لذلك تقلّص نفوذ أسقفها.
أما أسقف روما فقد استمال ملك الفرنجة »شارل مارتل« الذي بعد أن أفلح في طرد اللومبارديين من إيطاليا أعلن ولاءه للكنيسة، وبذلك ضمن لأسقف روما سلطته الروحية على الغرب.
وقد توثق هذا التحالف في عهد بيبان، خليفة شارل مارتل، الذي تّوَجه البابا ملكاً على الفرنجة. ولما خلفه شارلمان قبض على مقاليد كل الأمور، وأخضع تحت سلطته البلاد المعروفة اليوم بفرنسا وبلجيكا وهولندا، ونصف ألمانيا، وأكثر من نصف إيطاليا، والنمسا، والمجر، وشمال أسبانيا، وبعض الولايات الصقلبية في الشرق. مما جعل بابا روما، ليو الثالث ينتهز الفرص ليضع على رأس هذا الملك العظيم التاج الإمبراطوري وهو جاثٍ على ركبتيه في كنيسة القديس بطرس، وكان ذلك في ليلة عيد الميلاد عام 800 م. ولعل حبر روما كان يتوقع أن يُعيد هذا الملك صولجان الإمبراطورية إلى الغرب. إلا أن هذا الأمر كان بداية الانفصال بين الشرق والغرب.
أما في الشرق ففي العام 867 م ارتقى العرش إمبراطور قوي هو باسيل المكدوني. وكانت الإمبراطورية قد حصرت نشاطها في أوروبا الشرقية بعد استيلاء العرب على ولاياتها الآسيوية والإفريقية. وراحت هذه الإمبراطورية تصطبغ بالصبغة اليونانية في أفكارها ولغتها، وانطلقت في عدائها حيال الغربيين الذين اصطبغوا بدورهم بالصبغة اللاتينية. وتبعاً لذلك نشب شجار عنيف بين الفريقين، حين قال الغربيون في سبيل الدفاع عن العقيدة بانبثاق الروح القدس من الآب والابن، وبذلك أحدثوا تعديلاً على قانون الإيمان النيقاوي القائل بانبثاق الروح القدس من الآب فقط.
وتفاقم النزاع في عام 1053 حين أصدر بابا روما0 حكم الحِرمان على أسقف القسطنطينية. فأذاع هذا الأخير منشوراً على سائر أساقفة الشرق أن الكنيسة الغربية حادت عن الإيمان القويم، وأن الكنيسة الشرقية هي الكنيسة الأرثوذكسية الصحيحة. ومن ذلك التاريخ أُطلق عليها هذا الاسم. وهكذا انشطرت الكنيسة إلى شرقية وغربية.
وفي القرن الرابع عشر تورَّط البابا الغربي في نزاع عنيف مع ملك فرنسا، وأصدر رسالته المشهورة التي يعلن فيها سلطان الكنيسة المطلق، لا في الشؤون العامة فقط بل أيضاً في تعيين الملوك وخلعهم. ولكن ملك فرنسا تصدَّى له واضطرَّه للإقرار رسمياً أن رسالته لا تتناول ملك فرنسا، ثم حمله على نقل كرسيه من روما إلى أفنيون. ومنذ ذلك الحين صارت البابوية أداة طيِّعة في يد ملك فرنسا. ولكن حوالي العام 1378 قام في روما بابا لمعارضة كرسي أفنيون أدى قيامه إلى انقسام المسيحية إلى معسكرين متعاديين. ثم تفاقم الأمر حين انتُخب بابا ثالث في بيزا، وبذلك صار الانقسام ثلاثياً، الأمر الذي أفضى إلى إضعاف السلطة البابوية.
في هذا الوقت كان قد برز من بين الصفوف »جون ويكلف« الإنكليزي، الذي هاله التنافس المعيب بين أساقفة الكنيسة، كما هاله فساد الرهبان. فتحدى سلطة البابا داعياً إلى اتّخاذ الكتاب المقدس وحده مصدراً للحق الطاهر النقي، ومرجعاً وحيداً لكل العقائد والتعاليم المسيحية.
وتلاه »جون هس« في بوهيميا متأثراً بالمبادئ التي نشرها ويكلف، وتهجَّم على مبدأ عصمة المراسيم البابوية. فاضطهده رجال الكنيسة واستدعوه للمحاكمة. ومع أنه كان حائزاً على صك أمان من البابا إلا أنهم حكموا عليه في مجمع كونستانس بالموت حرقاً بالنار، ونفذوا فيه الحكم عام 1415م.
وبعد هس قام مصلح آخر هو الراهب »سافونا رولا« في فلورنسا، التي عانت من حكم عائلة مديتشي المستبدة، والتي في عهدها تمكنت المؤلفات الوثنية من عقول الناس حتى تضعضع إيمانهم وفشا بينهم الكفر والفساد، وفقدت الكنيسة البر والتقوى. ولكن لم يخلُ عصرٌ من الرجال المخلِصين، ومنهم سافونا رولا الراهب الشاب، الذي نهض في وجه الفساد لأنه استاء من الانحطاط المتفشي لدى معظم رجال الكنيسة، فرفع بصوته إلى السماء شاكياً الفساد الذي دخل قلب الكنيسة، وظلم الدولة الذي وقع على الشعب. ثم أطلق صرخته بين الجماهير داعياً إلى التوبة، ومنذراً بقضاء إلهي مزمع أن يقع على فلورنسا إن لم تتب. وبالفعل صدقت نبّوَته، إذْ غزا ملك فرنسا البلاد واجتاحها بجنوده، فاختار الشعب سافونا رولا ليفاوض الغازي في أمر الصلح. فأقنعه بحججه وأنذره بعزم أهل فلورنسا على الجهاد في سبيل حريتهم إلى آخر رجل، فرحل عنهم.
فارتفع شأن سافونا رولا وعلا قدره في أعين الشعب حتى صار زعيماً مرموقاً. فاستخدم مواهبه الفذة لخير الشعب، ونظم دستور البلاد على مبادئ الحق والعدل. وقد عمل الشعب بموجب إرشاداته، وقضوا على فساد الأخلاق. وانتعشت فلورنسا بحياة دينية جديدة. ولكن أعداء هذا المصلح الذين تضرروا من إصلاحه، وأبغضوه بسبب تعاليمه التي قضت على استغلالهم للشعب، أثاروا عليه الجهال وتآمروا على إسقاطه. وقد سنحت لهم الفرصة لأن سافونا رولا، إذ كان يحلم أيضاً بإصلاح الكنيسة، راح ينتقد البابا ويُطلع الناس على مساوئ روما، ويدعو الملوك المسيحيين إلى عقد مؤتمر عام للبحث في القضية. فحرمه البابا ألكسندر وساعد أعداءه، فقبضوا عليه وعذَّبوه وأحرقوه في الساحة العامة.
وفي بدء القرن السادس عشر بزغ نور الإصلاح من خلايا الأديرة، فمع أن الرهبان قد صاروا فئة ممقوتة من الشعب، إلا أن الرهبانية السليمة التي جاهدت في سبيل الخلاص بنبذ العالم ألحَّت على المسؤولين أن يُجروا إصلاحاً في الكنيسة. فقد عرَف بعضهم بالاختبار أن الإنسان لن يقدر أن يخلّص نفسه بنفسه مهما بذل من جهود، وأن أعمال الناموس لن تبرِّر أحداً. وقد كان مارتن لوثر الصوت الداوي لذلك النفر المخلص. وكان هذا الراهب قد أحسّ بثقل الناموس على ضميره، وعاش فترة من الزمن معذَّباً نفساً وجسداً بسبب مصارعته الروحية في سبيل خلاص نفسه، إلى أن استنار ذهنه بالقول الرسولي: »الْبَارُّ بِالْإِيمَانِ يَحْيَا« (رومية 1:17). وأدرك أن الإنسان يتبرر لا بأعماله ولا بتعذيب نفسه، بل بالإيمان المتكل على ذبيحة المسيح.
أما العوامل الخارجية التي حملته على الخروج على طاعة البابا فهي نظام بيع الغفرانات الذي جرت عليه كنيسة القرون الوسطى. ففي سنة 1517 أصدر البابا ليون العاشر غفراناً عاماً شاملاً للعالم المسيحي، فرأى وكلاء البابوية استغلال هذا الغفران لجمع الأموال لإتمام بناء كنيسة القديس بطرس في روما. إلا أنهم أساءوا استخدام سلطة الغفران بابتزاز أموال الشعب للإثراء. فرئيس أساقفة متز مثلاً اختلس نصف الأموال التي جمعها من الغفرانات، وتبع كثيرون مثاله. والأسوأ من هذا أن بيع الغفرانات بالمال شجّع أفراد الشعب على التخّلّص من ذنوبهم بدون توبة، ناسين أن هذه الذنوب تغضِب الله، وأن الذنوب لا تُغسل إلا بدم يسوع المسيح.
وكان مارتن لوثر يومئذ راهباً حسب رتبة أغسطينوس وراعياً لكنيسة ويتنبرج. وقد لاحظ أن كثيرين من الذين يعترفون له بخطاياهم يقدّمون له صكوك الغفران التي اشتروها بالمال، بدلاً من التعهُّد بالتوبة وانكسار القلب. وكان قد أدرك هو وبعض زملائه أن الإيمان بالمسيح والاتكال على ذبيحته الكفارية يعطي التائب البر الكامل، وفقاً للنعمة الإلهية. وقد اشمأّزَت طبيعته المسيحيّة من بيع نعمة الله المخلِّصة بالذهب، مع أن المسيح دفع الثمن كله على الصليب. وفي غمرة حماسه علّق خمسةً وتسعين اعتراضاً على قضية بيع صكوك الغفران على باب كنيسة ويتنبرج.
لم يكن لوثر يقصد أن يهاجم البابا أو نظام الكنيسة، ولكنه توقع أن الحبر الأعظم حين يقف على المخازي الصارخة التي يرتكبها وكلاؤه في أمر الغفرانات يسرع إلى إيقافها. ولكن عدم المبالاة التي قوبلت بها صرخته دفعته إلى أن يهاجم، ليس فقط العقائد التي اندسّت خلال القرون الوسطى، بل أيضاً نظام الكنيسة كله.
ولكن بناءً على وساطة بعض زعماء الكنيسة في ألمانيا ارتضى لوثر أن يصمت، بشرط أن يتوقّفَ الذين ناصبوا دعوته العداء عن مساوئهم. ولكن هؤلاء سرعان ما جهّزوا حملة واسعة ودخلوا معه في مناظرات علنية. فأحس عندئذ أنه في حِلٍّ من تعهده بالصمت، واضطر أن يصرخ عالياً أن سلطة البابا ليست مصدراً إلهياً، بل هي من ابتداع تطورات التاريخ، وأن الاعتراف بهذه السلطة ليس من مستلزمات الخلاص.
ونجم عن هذا كله أن حرمه البابا وأمر بإحراق كتبه. وتبع ذلك مجادلات علنية بين لوثر وأقطاب الكنيسة الكاثوليكية انتهت بإنشاء الكنيسة البروتستانتية التي كان لها أثرها البالغ في التاريخ. فهي كوليدة الإصلاح في القرن السادس عشر عادت بالمسيحيين الذين انضموا إليها إلى نقاوة التعليم الرسولي، وأفسحت المجال لإصلاح كثير من العيوب والمساوئ التي تسرّبت إلى الكنيسة خلال العصور، وخصوصاً في القرون الوسطى، وفتحت صفحات الكتاب المقدس ليقرأها كل الناس ويفهموها في غير تضييق ولا إعنات.
أرجو أن تكون قد وجدت في هذه الإجابة ما كنت تصبو إلى معرفته عن انقسام المسيحيين إلى طوائف عديدة