يذكر القران في لغته رفع السماوات بغير عمد : (الرعد 2) ورفع الطيور وأشياء أخرى ( البقرة 65 و 93 ؛ النساء 153) ، ورفع الناس بعضهم فوق بعض (الأنعام 156) ورفع بعض الأنبياء درجات (البقرة 253).
ويخص القران محمد بهذه الكلمة الوحيدة ، في لغة الرفع: (ورفعنا لك ذكرك) (الانشراح 4) .
وبديهي ان رفع الذكر لا يعني رفع الشخص إلى غير الأرض ، كما تدل أيضا قرائن السورة كلها .
وإدريس ( اخنوخ في الكتاب ) ( كان صديقا نبيا ، ورفعناه مكانا عليا ) مريم 57. فهو رفع فوق الأرض لا يحدد القران مكانه ولا زمانه ولا كيفيته .
وأختص القران المسيح بالرفع إلى السماء ، إلى الله نفسه ، من دون العالمين والمرسلين أجمعين .
( إذ قال الله : يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) آل عمران 55.
( وما قتلوه يقينا ، بل رفعه الله إليه ) النساء 157.
فظاهر الكلام أن الرفع إلى الله كان عقب وفاة المسيح ، قتله اليهود شبهة، أم لم يقتلوه يقينا.
ومكان الرفع هو في النصين إلى الله تعالى نفسه . فالمسيح وحده ، من دون المخلوقين أجمعين ، رفعه الله إليه حيا .
قال الرازي في تفسيرهما : (رفع عيسى عليه السلام ثابت بهذه الآية(النساء 157) . ونظير هذه الآية قوله في آل عمران : (رافعك إلي) . ودل ذلك على أن رفعه إليه اعظم في باب الثواب من الجنة ومن كل ما فيها من اللذات الجسمانية . وهذه الآية تفتح عليك باب معرفة السعادة الروحانية .
واختصاص الله المسيح برفعه حيا خالدا إلى السماء ، إلى قرب الله ، من دون العالمين والمرسلين أجمعين ، بينما جميعهم ينتظرون يوم يبعثون ، برهان على سمو رسالته على الرسالات كلها ، وعلى سمو شخصيته على المخلوقين أجمعين .
فكما ان الله خص عيسى ابن مريم في تكوينه بروح منه تعالى هو كلمة الله (النساء 170) ، خصه أيضا في مصيره وخلوده حيا في السماء ، لدى الله ، بميزة تدل على سمو شخصيته على المخلوقين أجمعين . فالملائكة المقربون هم ( حول العرش) ؛ أما المسيح فهو مع الله : (رافعك إلي) ، رفعه اليه ) .
وهذا الرفع الفريد في القران تفضيل لرسالته على كل الرسالات ، وتميز لسمو شخصيته على العالمين أجمعين .