يختلف المسلمون والمسيحيون في قتل المسيح وصلبه ، وينسبون هذا الاختلاف إلى الإنجيل والقران .
فالإنجيل صريح ، لا شبهة على موقفه ومقالته التي بها يتقيد المسيحيون .
فما هو موقف القران الصحيح ؟
في كل تفسير ديني أو غيره سيد سري ، لا يؤخذ موقف معلم من عقيدة على قول أو آية ؛ بل تؤخذ العقيدة من مجموعة الأقوال فيها. فما هي أقوال القران ؟.
أولا
النصوص القرآنية
في القران أربعة نصوص صريحة، ونصان تلميحا، في اخرة المسيح، نورها بحسب ترتيب نزولها : 1) والسلام عليه يوم ولدت! ويوم أموت ! ويوم ابعث حيا) مريم 33.
هذه نبؤة من المسيح في مهده عن أخرته بعد رسالته.
2) ولقد آتينا موسى الكتاب ، وقفينا من بعده بالرسل، وآتينا عيسى ابن مريم البينات ، وأيدناه بروح القدس: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ، ففريقا كذبتم ، وفريقا تقتلون!؟) البقرة 87.
فالمقابلة قائمة في موقف اليهود من موسى وعيسى ، والنتيجة ظاهرة : كذبوا موسى ، وقتلوا عيسى، اذ لا ذكر لسواهما ، وصلة ( وقفينا من بعده بالرسل) صلة ما بين موسى وعيسى. على كل حال لنعتبر هذا النص تلميحا الى قتل عيسى.
3) اذ قال الله يا عيسى ، ابن مريم ، أني متوفيك ، ورافعك الي ! ومطهرك من الذين كفروا ، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة. ال عمران 55. لاحظ الرفع الى السماء ياتي بعد الوفاة ، في ختام رسالته .
4) قالوا (اليهود) : ان الله عهد الينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار . قل : قد
جاءكم رسل قبلي بالبينات وبالذي قلتم، فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين) ال عمران 183.
عهد الله لليهود بقربان الذبائح في التوراة على يد موسى؛ وجميع انبياء الكتاب على شريعته . فالرسول الذي جاء بالبينات وقربان المائدة هو بحسب القران المسيح وحده ، فهو الذي قتلوه ، واستعمال الغام للخاص أسلوب عربي وقراني . على كل حال نعتبر هذا النص تلميحا الى قتل المسيح .
5) (وقولهم (اليهود) : إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله!-وما قتلوه وما صلبوه ، ولكن شبه لهم! وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه.ما لهم به من علم الا اتباع الظن . وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما. النساء 156.
ظاهر هذا النص - لا باطنه – هو مصدر الخلاف .
6) واذ قال الله : يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله ؟! قال : سبحانك، ما يكون لي ان اقول ما ليس بحق … وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم : فلما توفيتني ، كنت انت الرقيب عليهم، وانت على كل شيء شهيد. المائدة 116-120.
هذا النص هو اخرة ما انزل من القران في اخرة عيسى .
فالظاهرة الكبرى في هذه النصوص انها كلها تقول بموت ووفاة وقتل المسيح ، تصريحا او تلميحا ، ما عدا آية النساء بحسب ظاهرها .
فما هو التفسير السوي لمقالة القران في اخرة المسيح ، وما هو معنى اية النساء الصحيح؟
موقف أهل السنة والجماعة انهم يأخذون آية النساء على ظاهرها، وبها يفسرون سائر القران في تعاليمه في اخرة المسيح.
وبعضهم اخذ من آية النساء أسطورة الشبه الذي ألقاه الله على أحدهم فقتل بدل المسيح . وبهذا التفسير ينقضون قتل المسيح والصلب والصليب .
ينتج عن ذلك انهم يقيمون تناقضا بين اية النساء وسائر القران ، ويفسرون الكل بالجزء .
ويجعلون تناقضا ظاهرا بين القران والإنجيل المبني كله على صلب المسيح .
ويخلقون تناقضا بين التاريخ الذي تبدؤه اية النساء وبين التاريخ العام قبلها بمدة ستمائة سنة ونيف ، كما يقول به الرومان واليهود والنصارى.