الله في وحدانيته
الله الواحد
إن الكتاب المقدس كلمة الله الحية الباقية إلى الأبد يكلمنا عن:
وحدانية الله وذاته التي تسمو فوق العقل والإدراك بمقاييس لا تحد , فهو يكلمنا عن الله الذي لا شريك ولا نظير له, الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد وأنه لا أجزاء فيه, ولا تركيب, وهذا ما يسمى بالتوحيد.
إننا كمسيحيين نؤمن (أن لا إله إلا الله) وأنه لا تركيب فيه على الإطلاق.
«فاعلم اليوم وردد في قلبك أن الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواه (تثنية 39:4) .
«أنا هو وليس إله معي» (تثنية 39:32) .
«هكذا يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه رب الجنود, أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري» (إشعياء 6:44) .
«هكذا يقول الرب فاديك وجابلك من البطن, أنا الرب صانع كل شيء, ناشر السموات وحدي باسط الأرض. من معي» (إشعياء 24:44) .
«أليس أنا الرب ولا إله غيري ومخلص ليس سواي» (إشعياء 21:45) وقال:
«أنت هو الرب وحدك» (نحميا 6:9) .
«أليس إله واحد خلقنا» (ملاخي 10:2) .
«اذكروا الأوليات منذ القديم لأني أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي» (إشعياء 9:46) .
) وفي العهد الجديد آيات كثيرة أيضا :
ففي (مرقس 29:12) يأتي قول الرب الذي قاله للكاتب:
«الرب إلهنا رب واحد» وقول الكاتب للرب أيضا :
«بالحق قلت لأن الله واحد وليس آخر سواه» (مرقس 32:12) .
وفي (يوحنا44:5) «المجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه».
وفي (رومية 30:3) «لأن الله واحد».
وفي (1كورنثوس4:8) «نعلم أن ليس إله آخر إلا واحدا».
وفي (غلاطية 20:3) «ولكن الله واحد».
وفي (1تيموثاوس5:2) «لأنه يوجد إله واحد».
وفي (يهوذا 25) «الإله الحكيم الوحيد مخلصنا».
وفي (1كورنثوس5:12, 6) «وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد». وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل.
وفي رسالة (أفسس 5:4, 6) «رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة إله وآب واحد للكل».
لا تركيب فيه
ولقد وردت آيات كثيرة في الكتاب المقدس تدل على عدم وجود تركيب في الله فقد قال له كل المجد «الله روح» (يوحنا24:4) .
وأنه «غير المنظور» (كولوسي 15:1) .
وأنه لا يتحيز بحيز (مزمور 8:139 - 12).
وهذه الصفات تدل على أنه غير مركب لأن المركب متحيز بحيز, ومن الممكن أن يدر ك أو يرى إذ إنه محدود بحدود الأجزاء المركب منها, وهذا لا يتعارض إطلاقا مع كون الله أقانيم.
نوع وحدانيته
ونحن نسأل أي نوع من الوحدانية هي وحدانية الله? هل هي وحدانية مجردة أو مطلقة? لو كان كذلك فثمة سؤال يفرض نفسه. ما الذي كان يفعله الله الواحد الأزلي قبل خلق السماء والأرض والملائكة والبشر. في الأزلية إذ لم يكن أحد سواه, ماذا كان يفعل? هل كان يتكلم ويسمع ويحب. أم كان صامتا وفي حالة سكون?
إن قلنا إنه لم يكن يتكلم ويسمع ويحب, إذا فقد طرأ تغيير على الله لأنه قد تكلم إلى الأباء بالأنبياء وهو اليوم «سامع الصلاة», إذ هو السميع المجيب كما إنه يحب إذ إنه الودود, نعم إن قلنا إنه كان ساكنا لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب ثم تكلم وسمع وأحب فقد تغير, والله جل جلاله «منزه عن التغيير والتطور لأنه الكامل أزلا وأبدا».
وإن قلنا إنه كان يتكلم ويسمع ويحب في الأزل, قبل خلق الملائكة أو البشر فمع من كان يتكلم وإلى من كان يستمع, ومن كان يحب?
إنها حقا معضلة حيرت الفلاسفة. وجعلتهم يفضلون عدم الغوص في غمارها. أما الكتاب المقدس, فلأنه كتاب الله الذي فيه أعلن لنا ذاته فلقد عرفنا منه أن وحدانية الله ليست وحدانية مجردة أو مطلقة, بل هي وحدانية جامعة مانعة.
(جامعة لكل ما هو لازم لها ومانعة لكل ما عداه).
وبناء على ذلك فإن الله منذ الأزل هو كليم وسميع, ومحب ومحبوب ناظر ومنظور دون أن يكون هناك شريك معه ودون احتياجه جلت عظمته إلى شيء أو شخص في الوجود.
هذا وكلنا نعلم أن الله يتصف بصفات كثيرة تفوق العقول والإدراك فهو يتصف بأنه السميع «الغارس الأذن ألا يسمع» (مزمور 9:94) .
والبصير «الصانع العين ألا يبصر?» (مزمور 9:94) .
والكليم «فما أكثر تكرار القول «قال الرب» (يوحنا17:21) .
والعليم «بكل شيء» (يوحنا17:21) .
وله الإرادة (لوقا42:22) .
والمحب (1 يوحنا16:4) .
مع ملاحظة عدم وجود أي تناقض بين الوحدانية والأقانيم, لأن الله واحد في جوهره وجامع في أقانيمه ووحدانيته جامعة لكل ما هو لازم لوجود صفاته بالفعل, سواء كانت هناك خليقة أو لم تكن, دون أن يكون هناك أي تركيب في ذاته أو شريك معه, لأن هذا لا يتوافق مع كماله واستغنائه بذاته عن كل شيء في الوجود. وهي وحدانية أيضا مانعة لكل ما عداه. ولا يجوز تشبيه الله في أقانيمه بأية تشبيهات بالمرة كالشمس وغيرها لأنها كلها محدودة ومركبة, وهو بنفسه يقول «بمن تشبهون الله, وأي شبه تعادلون به» وأيضا يقول «فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس» (إشعياء 18:40, 25).
كما إن الأقانيم هي ليست ذاته وصفاته كما يظن البعض, لأن الصفات معان .أي ليست لها وجود واقعي فلا يقال مثلا إن الله كان يكلم صفاته في الأزل ويسمعها ويبصرها ويحبها, أو إن صفاته كانت تكلمه وتبصره وتحبه لكنها وحدانية خاصة بذاته (ذات واحدة) جوهر واحد لاهوت واحد ولكن ثلاثة أقانيم في وحدانية بغير امتزاج, ولا يمكن أن تنفصل أو تتجزأ مع تميزها.
وكل أقنوم هو الله الأزلي, الأبدي, الغير محدود, ولا يتحيز بمكان أو زمان, العليم, المريد, القدير, السميع, الكليم, البصير لا يتغير ولا تأخذه سنة ولا نوم, لا بدء له كلى الكمال.
وكلمة أقنوم هي كلمة سريانية, تطلق على كل من يتميز عن سواه مع عدم الانفصال أو الاستقلال. مع ملاحظة أنه يوجد فارق بين كلمتي «أقانيم» و «أشخاص» المستعملة في لغتنا العربية:
الأشخاص: ذوات منفصلة إحداها عن الأخرى.
أما الأقانيم: ذات واحدة هي ذات الله الذي لا شريك له ولا نظير.
الأشخاص: وإن كانوا يشتركون في الطبيعة الواحدة إلا أنه ليس لأحدهم ذات خصائص أو صفات أو مميزات الآخر,
أما الأقانيم فمع تميزها عن بعضها ففي الأقنومية هم واحد في الجوهر بكل خصائصه وصفاته ومميزاته لأنهم ذات الله الواحد.
نعم هذا هو إعلان الله عن ذاته
وهو إعلان يسمو فوق الفهم الطبيعي وأسمى من العقل لكن لا يتعارض معه,
فقط يتطلب الإيمان ووصول النور الإلهي إلى القلب.
الفصل الثاني
وحدانية الله في العهد القديم
إن العهد القديم كتب باللغة العبرية وترجم إلى اللغات التي من ضمنها العربية. ولا يوجد في اللغة العبرية (اللغة الأصلية لكتاب العهد القديم) استعمال صيغة الجمع للدلالة على التعظيم كما هو في اللغة العربية.
لذلك فالملوك في العهد القديم عندما يتكلمون عن أنفسهم يستخدمون صيغة المفرد وليس الجمع. مثل فرعون (تكوين 47:41) ونبوخذنصر (دانيال 4:4) والله نفسه تكلم في بعض المواضع عن ذاته بصيغة المفرد فاستخدم الضمير أنا وليس نحن (تكوين 21:15, إشعياء 6:45).
من هذا يتضح أن صيغة الجمع المستعملة مع اسمه في بعض الآيات لا يراد بها (التعظيم), بل التعبير عن وحدانية الله الجامعة.
1 - في (تكوين 1:1) «في البدء خلق الله السموات والأرض» والعارفون للعبرية يعرفون أن لفظ الجلالة (الله) في الأصل العبري هو «ألوهيم» وهي جمع للكلمة «إيلوه» وهذا للدلالة على أن وحدانية الله هي وحدانية جامعة. وهذا هو الاسم الذي عرف به تعالى في بدء الخلق وأثناء الخلق «ألوهيم» ويراد به الله في ذاته أو الله في علاقته بالخليقة.
2 - قبل أن يخلق الإنسان «قال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين 26:1) ولاحظ كلمة نعمل, صورتنا, كشبهنا. هنا نلاحظ الوحدانية الجامعة مع أن الفعل «قال» يأتي في صيغة المفرد.
3 - بعد أن خالف آدم وصية الله «قال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر» (تكوين 22:3) فهنا لم يقل, قد صار مثلنا «للتعظيم», ولكن «كواحد منا» للدلالة على أنه جامع.
4 - وعندما شرع سكان الأرض في شرهم أن يبنوا مدينة وبرجا رأسه في السماء ويصنعوا لأنفسهم اسما لئلا يتبددوا على وجه كل الأرض (تكوين 4:11) قال الرب «هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم» (تكوين 7:11) وكلمة هلم تعني «هيا بنا أو دعنا». وهذا يدل على تبادل الحديث. ت ترى من هو هذا الذي كان الله يتكلم معه? ونحن نعلم أن الله واحد لا شريك له.
وهذا كله يدل على أن الحديث قد حدث بين الله وذاته وحدها وهذا يدل على أن الله جامع في وحدانيته.
5 - عندما تراءى الرب لإشعياء في سنة وفاة عزي الملك يقول إشعياء: «ثم سمعت صوت السيد قائلا من أرسل ومن يذهب من أجلنا فقلت هأنذا أرسلني» (إشعياء 8:6) . ولاحظ كلمة «من أجلنا» بصيغة الجمع وكلمة «من أرسل» بصيغة المفرد, ليس المقصود التعظيم ولا المقصود أن يرسل رسولا من البشر لأجله ولأجل الملائكة معا , بل من أجله وحده لأن البشر يجب أن يرجعوا إليه دون سواه وهذا دليل آخر على وحدانية الله الجامعة.
علاوة على ما سبق, توجد آيات تدل على أن الله أكثر من أقنوم. على سبيل المثال:
1 - في القضاء على سدوم وعمورة بعد أن كثر شرهم على الأرض قيل «فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء» (تكوين 24:19) لنلاحظ أن المتكلم «وهو الرب» قد أمطر كبريتا ونارا من عند الرب, مع ملاحظة أن الممطر والممطر من عنده ليس صفة بل أقنوما .
2 - في (مزمور 6:45 - 7) «كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك. أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك». لاحظ هنا أن الله يمسح الله (1) وبما أن الماسح والممسوح واحد وهو الله فهذا يدل على أن الله ليس أقنوما بل أقانيم.
ولاحظ أن المخاطب في هذه الآية هو «أقنوم الابن» (عبرانيين 8:1 - 10) حال كونه متجسدا ويعتبر الله إلهه, ليس باعتبار أقنوميته لكن باعتبار ناسوته الذي ظهر فيه, لأنه باعتبار أقنوميته هو الله وفي هذا الوصف لا إله له إطلاقا , أما من ناحية ناسوته فكان إنسانا يدعو الله إلها له وهذا لا يعني أن المسيح كان شخصين بل شخصا واحدا وهو الله المتجسد. كما سندرس فيما بعد بالتفصيل.
3 - وفي مزمور 1:110يقول داود بالوحي «قال الرب لربى اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك» وهنا نرى الرب يخاطب الرب وقد اقتبس الرب هذه الآية في حديثه مع الفريسيين وسؤاله لهم قائلا :
«ماذا تظنون في المسيح ابن من هو. قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلا , قال الرب لربي, فإن كان داود يدعوه بالروح ربا فكيف يكون ابنه, فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة» (متى 41:22 - 46). أما الإجابة فواضحة فهو من حيث الأقنومية هو رب داود ومن حيث تجسده وظهوره في العالم هو «ابن داود» لأنه من نسله حسب الجسد ولذلك في (رؤيا 16:22) «أصل وذرية داود».
4 - في سفر إشعياء يقول الرب «اسمع لي يا يعقوب وإسرائيل الذي دعوته أنا هو. أنا الأول وأنا الآخر... والآن السيد الرب أرسلني وروحه» (إشعياء 12:48, 16) لنلاحظ هنا ونمعن الملاحظة (لأنها من أوضح الآيات في العهد القديم عن الثالوث الأقدس).
«أنا الأول والآخر»أي الأزلي قد أرسل بواسطة اثنين هما «السيد الرب وروحه» وبما أن المرسل والمرسل, ليسوا كائنات مختلفة, بل كائنا واحدا هو «الله» لأنه هو الأول والآخر وهو السيد الرب, وروحه ليس كائنا آخر بل هو عين ذاته. فهذا يدل على أنها أقانيم الله الواحد. ووحدانيته «جامعة» والمقصود بكلمة إرسال هو مجرد الظهور بين الناس لإجراء عمل من أعمال اللاهوت, وليس إرسال أقنوم لآخر معناه: أن له أفضلية عليه, بل يقصد بها التوافق في المهمة المرسل من أجلها.
5 - في سفر هوشع 7:1يقول الرب «وأما بيت يهوذا فأرحمهم وأخلصهم بالرب إلههم» لنلاحظ أن المتكلم هنا هو الرب ويقول إنه يخلص شعبه بمن يدعوه «الرب إلههم» وبما أنه لا يوجد إلا إله واحد. وهنا الرب والإله الواحد متكلم ومتكلم عنه فهذه الآية تدل على أن الله أكثر من أقنوم واحد.
6 - في (تكوين 1:1, 2) «في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه».
من هذه الآية يتضح أن اثنين قد اشتركا في الخلق وهما الله, وروح الله. وواضح أنهما ليسا اثنين بل واحدا وهو الله وذلك لأن الله لا تركيب فيه ووحده هو الخالق والباعث للحياة في كل كائن حي.
7 - في سفر (المزامير 6:33) يقول «بكلمة الرب صنعت السموات» وفي (مزمور 30:104) «ترسل روحك فتخلق» ومن هاتين الآيتين يتضح أن اثنين قاما بالخلق وهما «كلمة الرب» و «روح الرب». إلا أنهما ليسا اثنين بل واحدا وهو الله في جوهره.
8 - في سفر الأمثال (4:30) في كلام أجور «من ثبت جميع أطراف الأرض ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت» من هنا نلاحظ أن اللاهوت متميز في أقانيمه وأن كلمة «ابن» ليس المقصود بها المعنى الحرفي بل المعنى الروحي الذي يتوافق مع روحانية الله وخصائصه الأخرى. وسندرس هذا فيما بعد.
من الشرح السابق كله يتضح لنا:
1 - أن الله واحد, ولكن وحدانيته «جامعة مانعة», وأن الله أقانيم ثلاثة: الآب, والابن, والروح القدس في وحدة لا تقبل التجزئة ولا الانفصال, مع تميز كل أقنوم في عمله, وله ذات صفات الأقنوم الآخر وهو الله بذاته.
2 - أن عقيدة التثليث والتوحيد ليست موجودة في المسيحية فقط فتعتبر بدعة, لكن كما رأينا فهي موجودة في أسفار العهد القديم.
الفصل الثالث
وحدانية الله في العهد الجديد
توجد في العهد الجديد آيات كثيرة تشهد أن وحدانية الله هي وحدانية جامعة مانعة, أو بتعبير آخر أن الله ليس أقنوما بل أقانيم ونذكر بعض هذه الآيات:
(1) مشهد المعمودية «هو أول إعلان صريح للثالوث» فعندما صعد المسيح (الابن) من الماء نزل الروح القدس مثل حمامة وأتى عليه صوت الآب قائلا : «هذا هو ابني الوحيد الذي به س سررت» (متى 16:3, 17 , مرقس 9:1 - 11 , لوقا 21:3 - 22).
(2) في إرسالية الرب لتلاميذه قبل صعوده قال «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (متى 19:28) لاحظ أنه لم يقل بأسماء, لكن باسم, وهذا يدل على أن الأقانيم ليسوا كائنات ثلاثة, بل كائنا واحدا , الله لا سواه الذي لا شريك له ولا تركيب فيه, هو بذاته ثلاثة أقانيم, الآب والابن والروح القدس.
3 - في إنجيل (يوحنا16:14, 17) «وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم».
وأيضا في (يوحنا26:15) «ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي».
4 - في (2كورنثوس14:13) يقول «نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم».
وفي (1 بطرس1:1 - 2) «إلى المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح».
بالإضافة إلى هذه الشواهد: لوقا35:1 أعمال 29:4 - 31 1كورنثوس4:12 - 6 أفسس4:4 - 6 عبرانيين 9:10 - 15 يهوذا 20, 21 رؤيا 4:1,5 غلاطية 6:4 أفسس18:2 تيطس 4:3 - 7 يوحنا10:4 1 يوحنا7:5)
مما سبق يتضح لنا أن الأقانيم هم ذات الله, وليسوا كائنات غيره أو معه وهذا يرينا أن الكتاب المقدس يعلن لنا بالتثليث وأن: الله لا شريك له.
الأقانيم هم عين الله ذاته, وليسوا أجزاء أو عناصر فيه أو صورا أو أشكالا له.
إنه لا تركيب فيه, لذلك لا ينفصل أحدهم عن الآخر بأية حال من الأحوال لأنه لو كان الله أقانيم مركبة لشابه الإنسان, الذي في موته يتعرض للتفكك والتغيير. إذ تخرج روحه من جسمه. وحاشا لله فالأقانيم ليسوا أجزاء أو عناصر في الله, بل هم عين ذاته وذاته واحدة لا تتعرض للتجزئة أو الانقسام أو التغيير في حالة ظهور أحد الأقانيم في مكان. وكذلك لأن اللاهوت لا يتحيز بمكان أو زمان لذلك لا ينحصر في حيز خاص, وقد أشار الرب أيام جسده على الأرض إلى هذه الحقيقة حينما تحدث عن نفسه إذ قال:
«وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا13:3) .
الخلاصة:
الله واحد وحدانية جامعة.
أقانيم الله غير قابلة للتجزئة والانفصال على الإطلاق.
فمنذ الأزل إلى الأبد لا ينفصل أقنوم عن الأقنومين الآخرين بأية حال من الأحوال. وقد وصف القديس أثناسيوس وحدانية الأقانيم هذه فقال:
(إنها اتحاد بلا اختلاط وتمييز بلا انفصال) وحقا إنها كذلك.