بالنسبة للسؤال الأول: إنه من المستحيل أن يقوم إنسان مثلنا بفدائنا، فكيف يستطيع مديون أن يسدد دين مديون آخر، عليه أولاً أن يسد دينه قبل التفكير في دفع دين شخص آخر. وكذلك كيف يدفع إنسان خاطيء ثمن خطيئة أخيه الإنسان؟ إنه يحتاج هو أولا أن يدفع ثمن خطيئته. وهذا أيضا ينطبق على الأنبياء. اسمع ماذا يقول داود النبي: "لا يقدر أحد أبدا أن يفتدي أخاه أو يقدم لله كفارة عنه لأن فدية النفوس باهظة يتعذر دفعها مدى الحياة" (مز 7:49،8). حتى أن أيوب نفسه يبحث عن إجابات لأشياء مثل هذه فيتساءل: "كيف يتبرر الإنسان أمام الله؟ إن شاء المرء أن يتحاجَّ (يجاوب) معه، فإنه يعجز عن الإجابة عن واحد من ألف" (أيوب 2:9،3). وقد قال الإنجيل عن جميع البشر: لأن الجميع أخطأوا وهم عاجزون عن بلوغ ما يمجد الله" (روما 23:3). لقد بحث الإنسان عن وسائل كثيرة للفداء وغفران الخطيئة ولكنها كانت غير كافية ومؤقته.
عندما فشل الإنسان كان عند الله الحل، وقد أعلن لنا هذا الحل في الإنجيل وهو: مجيء السيد المسيح لفدائنا وأن يموت على الصليب بدلاً عنا ليمنحنا غفران الخطايا. لهذا ولد السيد المسيح بدون تدخل بشري (بدون أب) حتى لا يرث الخطيئة مثلنا. وكذلك عاش السيد المسيح حياة خالية من الخطيئة وقد قال: "من منكم يثبت عليّ خطيئة؟" (يوحنا 46:8). ولهذا فالشخص الوحيد الكامل الذي يستطيع أن يدفع ثمن الخطيئة هو شخص المسيح. "ولأن أجرة (ثمن) الخطيئة هي الموت" (روما 23:6)، لهذا كان يلزم على المسيح أن يموت. وكانت وسيلة الموت هي الصليب. فالمسيح تكلّم مرّات كثيرة مع تلاميذه عن هذا العمل، وعن الآلام التي ستقابله، والصليب والفداء، ولكنهم لم يفهموا. وعندما جاء الوقت ذهب المسيح طواعية إلى الصليب ولم يهرب. (قال يسوع للوالي الروماني الذي حاكمه: "لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي" (يوحنا 37:18). قال يسوع لتلميذه بطرس عندما استخدم السيف "رد سيفك إلى مكانه... أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة؟ فكيف تُكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون؟" (متى 52:26،53). ومعنى العبارة الأخيرة أن كل النبوآت عن موت المسيح الكفاري ينبغي أن تتمّ. وهناك نبوآت كثيرة قبل مجيء المسيح بمئات السنين كلّها تمّت حرفيا في الصليب وفي عمل المسيح الفدائي.
الصليب ليس مجرّد علامة مصنوعة من خشب أو ذهب أو فضة تعلّق على الصدور ولكن خطة الله لفداء الإنسان من خلال موت المسيح وقيامته. بهذا جميع ديون الإنسان قد سددت وله الحرية الآن أن يأتي إلى الله لأن الطريق أصبح مفتوحا أمامه.
لهذا يفتخر المسيحييون بهذا العمل الذي يُعبّر عن مدى محبة الله لجميع البشر. لهذا يقول الرسول "لأن البشارة بالصليب جهالة عند الهالكين ,أما عندنا نحن المُخلّصين فهي قدرة الله" (1كور 8:1). لهذا موت المسيح لم يكن من ضعف، بل كان هذا حسب مشيئة الله وخطته المرسومة لنا.