الكاتب: دعوة للجميع
هل تفكر في الزواج؟ هل اتخذت قراراك للارتباط؟ هل استقر قلبك وعقلك على من اخترته ليكون شريك حياتك؟
ما الهدف الذي يسعى نحوه كل من ينوي الارتباط؟ هل هو هدف تحقيق الإشباع للمشاعر العاطفية، أم أن هذه هي سنة الحياة؟ أم أن هناك أهدافاً
أخرى؟
قد يظن البعض أن الحب وحده يكفي لاتخاذ القرار بالزواج، فتسمع هذه الأقوال: "لأننا نحب بعضنا"، "لا أستطيع العيش بدونه"،... وكل هذا هام للزواج، ولكنه لا يكفي لقيام حياة زوجية ناجحة وثابتة ودائمة.
فالحب ليس شهوة متقدة تُطفأ بعد الزواج، والزواج لن يعمر ولن يستمر إذا قام على هذا السبب، والزواج ليس نهاية طريق، وإنما هو بداية لرحلة ومرحلة جديدة على الاثنين أن يكونا مستعدين تماماً لها.
وقد يظن البعض أيضاً أن الهدف من الزواج هو تحقيق هذه الأسباب: "حتى لا يفوتني قطار الزواج"، "كل زملائي ومن في سني تزوجوا"، "لأني أهلي اختاروا لي شخصاً من عائلة طيبة"، "لأني أعيش مغترباً في بلد، وأريد من يقوم بخدمتي". فتجد الكثيرين الذين يقبلون على الزواج لهذه الأسباب، وليس رغبة في الارتباط عن اقتناع، بشريك الحياة.
قبل الارتباط..
بعدما حددت هدفك من الزواج، ووضعت نفسك على سلم الوصول إلى شريك الحياة،
ما الذي يجب أن تضعه في اعتبارك قبل الشروع في الزواج، وقبل التفكير في الارتباط؟
* حدد - وبوضوح - معالم الشخصية التي تتمنى الارتباط بها، وليس لأنه أول من طرق باب قلبك، أو الصدفة هي التي جمعتكما، أو لأنه زميل أو جار تراه كل يوم.
فيلزمك أن تعرف وتحدد الصفات التي تحبها فيمن تختاره، والأسلوب الذي تنوي أن تنتهجه في حياتك.
خذ وقتاً كافياً للتفكير في هذه الأمور قبل اتخاذ قرارك. وادع الله ليوقفك في اختيارك، ويساعدك لتحقيق أهدافك.
* لا تندفع بمشاعرك تجاه أول من تعجب به، فهناك فرق كبير بين الإعجاب والحب الذي يكلل بالزواج.
* لا تنقد بلا وعي وراء كلمات الحب والغزل، والوعود التي يصعب تحقيقها، فالنية الحسنة وحدها ليست كافية للوعد بالزواج.
* لا تنتظر الحب، ولا تندفع للارتباط بشخص لا تميل إليه، لتكون مثل الآخرين، أو لأنك تعاني من الوحدة، أو لخوفك من أن يفوتك قطار الزواج. بل يجب أن يقتنع كلاكما بشخصية الآخر.
* كن واقعياً في نظرتك وتقييمك للخض الذي اخترته، فهو لن يستطيع تحقيق المستحيل، وهو إنسان له قدراته، ومتطلباته، وعيوبه، ومميزاته.
* اسأل نفسك قبل أن تعد بشيء تجاه من ارتبطت به: هل ستستطيع فعلاً أن تفي بوعدك، وتلتزم بما قطعته على نفسك، وهل عمرك وظروفك يسمحان لك بالارتباط؟
* هل أنت على استعداد حقيقي لمواجهة أي صعوبات أو مشكلات قد تواجه إتمام زواجك؟ وهل تستطيع تحمل مسئولية الزواج؟
* من المهم أن تكون ظروفك مناسبة أو مشابهة للطرف الآخر، من حيث: التعليم، الظروف الاجتماعية، الظروف المادية، السن...
* هل هناك أشياء مشتركة قرَّبت بينك وبين من تود الارتباط به؟
ثبت أن أغلب المشكلات التي تظهر بعد إتمام الزواج، تحدث نتيجة:
عدم نضج الشخصية - عدم الالتزام - عدم تحمل المسئولية - عدم القدرة على مواجهة المشكلات، أو محاولة إيجاد حل لها، ولكها عوامل تتعلق بعدم اكتمال أو نضج شخصية أحد الزوجين، أو كلاهما.
فما هي سمات الشخص الناضج الذي يمكن أن يتخذ قراره بالارتباط، ويمكن التنبؤ بأنه سيوفق في حياته الزوجية؟
- الاستقلالية والاعتماد على النفس: فالإنسان الناضج لا ينقاد لأفكار الآخرين، ولا يقلد غيره، ولا يجاري أفعالاً أو أفكاراً لا تناسبه، يستطيع أن يستقل بحياته بعد الارتباط، ولا يعتمد على غيره مادياً أو معنوياً، ولا يلقي بكل المسئوليات على من يريد الارتباط به لكي ينظم له حياته أو يوفر لك كل احتياجاته.
- الثقة بالنفس: والثقة بالآخرين والثقة بشريك حياة المستقبل، والثبات على الرأي الصائب، وهذا لا يعني أن يكون الشخص عنيداً أو متصلباً في الرأي، أو لا يعترف بخطئه، وإنما الثقة بالنفس وبالآخرين هامة جداً لاتخاذ القرارات، وبخاصة اتخاذ القرار بالارتباط، فمن المهم أن يدرك الشخص الحجم الحقيقي لذاته ولقدراته ولإمكاناته، ولقراراته، فلا يهتز أو يتراجع إذا تغيرت، الظروف، أو عند مواجهة أي مشكلة بسيطة.
- الواقعية: فبعض الشباب يعيشون فترة ما قبل الارتباط في خيالات، فيتصورون أن الخطبة والزواج ما هما إلا مشاعر رومانسية فقط، وحياة سعيدة بلا مشكلات، ولذلك فهم يتطلعون إلى إتمام الخطبة عند أول إحساس بمشاعر الحب تجاه الشخص الآخر. ولما يتم الارتباط فعلاً، فقد يصدمون أو يصابون بخيبة أمل، عندما يجدون غير ما توقعوه.
- ضبط النفس: فالشخص الذي يستطيع ضبط نفسه، وعواطفه، ورغباته، وسلوكه، والتحكم في انفعالاته وفي كلامه، هو شخص ناضج نفسياً، يتخذ قراراته بعد تفكير وبلا تسرع أو تأثر وقتي.
- نضج العلاقات الاجتماعية: أي أن يستطيع الشاب (أو الشابة) إقامة علاقات طيبة مع المحيطين به، أسرته، زملائه في الدراسة أو في العمل ، أقاربه، وجيرانه. فالنجاح في إقامة العلاقات الطيبة بسهولة، وعدم النفور من الآخرين، دليل على نضج الشخصية.
فالعلاقات الاجتماعية الناجحة عمل على تطوير شخصية الإنسان، وخروجه من دائرة نفسه، واكتساب الخبرات، والشعور بالآخرين، وتعلم العطاء، وليس فقط الأخذ.
- نضج الاتجاهات الجنسية: ولا يعني هذا أن يصل الشاب أو الشابة للسن الذي يؤهله للزواج والإنجاب، وإنما المقصود به نظرة الشخص إلى الجنس الآخر بصفة عامة، ونظرته وفكرته بصفة خاصة للشريك الآخر، ومدى احترامه وتقديره لها ولكرامتها، والحفاظ على سمعته، واسمه إلى أن يكلل الله حبهما بالزواج.
هذا بالإضافة إلى نظرته للزواج وقدسيته وطهارته، وتعهده أمام الله وأمام نفسه وأمام شريك حياته بالإخلاص والوفاء له طوال العمر مهما واجهته مشكلات، أو امتد بهما العمر.