الكاتب: دعوة للجميع
الحب ضرورة: فالزواج بدون حب هو لقاء الزجاج!! إنه يشبه لقاءات المراسم الرسمية: أحضان وسلامات وتحيات تنتهي بمجرد انسحاب الأيادي من بعضها..
أنها لقاءات يفصلها الزجاج البارد الصامت الميت..
أنا أحبك.. أنت كذاب!
كلمة الحب نسمعها كثيراً بين الشباب، لكن قليلاً ما تكون صادقة مخلصة، تحمل معنى الحب الأصيل!!
وللحب – في الأصول النفسية – ثلاثة معاني.. حب الشهوة، حب المشاعر، وحب العطاء والتفاهم.
أعد قلبك بالحب ومهده بالعطاء..
إن الله تبارك اسمه سوف يأتمنك على شريك حياة هو عطية من عنده، وهو سوف يكتب معك –جل جلاله- العقد والعهد سرياً قبل أن تكتبه مع رفيقة (أو رفيق) عمرك.. ألا يستحق ذلك منك الأمانة والإخلاص؟
أولاً يستحق ذلك أن تزين نفسك بالأخلاق والفضيلة والعطاء والأمانة لمن ستقضي معه عمرك..
وقديماً قال سقراط أبو الفلاسفة "أعمل لسعادتي عندما أعمل لسعادة الآخرين"..
حب الجسد.. فرصة أم خطر؟
النوع الأول هو حب الجسد، نسميه نحن بلغتنا النفسية EROS.. إنه حب قاصر، محدود، يشبع الشهوة ولكنه يشعل الغريزة ويقودها نحو الدمار.. إنه كالشلال الغامر، إما يتحول لطاقة مثمرة بناءة، أو هدير مائي يحطم كل ما يعترض طريقه..
نشبه العلاقة الجسدية خارج الحب وبدون الزواج بورقتين اتحدا معاً بمادة لاصقة.. حاول بعد ذلك أن تفصل الورقتين، النتيجة التدمير والتفتيت والتبعثر!! هكذا الجنس بلا حب وزواج، اتحاد جسدي، ينتهي بتدمير العائلة، وانهيار العواطف والشعور بالذنب وفقدان الثقة في الآخرين، والإحساس بعدم الأمان.
أما الجسد في الزواج فهو خادم للحب..
إنه منطقة "تعبير" النفس عن عمق العلاقة بالآخر.. الزواج أولاً هو زواج أرواح ونفوس قبل ارتباط أجساد، فإذا اختزل الزواج الجسد فقط، صار هشاً قابلاً للكسر والاضمحلال والفناء.. اللذة الجسدية إلى حين، أما لذة التفاهم والعشرة فهي تنمو وتعلو فوق كل حس..
حذار إذا من أجساد تنطلق نحو الشهوة، إنها بداية النهاية..
حب المشاعر.. قمم وقيعان
النوع الثاني من الحب هو حب المشاعر Philes.. يتحدث الكثيرون عن الأحاسيس الجياشة والمشاعر الدافئة، ونسمع عن "الهجر" و"السهر" و"اللوعة" و"العشق" و"الهوى"..
المشاعر جميلة طالما كانت متوازنة، ومؤسسة على دعائم التفاهم والتوافق وتناسب الشخصيات.. والمشاعر تبنى إذا كانت تابعة للعقل والروح، تخدم الارتباط وتسعى به نحو النضج..
أما عشق الهوى فهو جبل نتسلقه لنهوى بعده في الوادي السحيق.. أنها مشكلة تختلقها النفس، ثم نتورط فيها بقية العمر..
علينا إذن أن نتوازن.. عقل وعاطفة، روح وفكر، مشاعر وكيان.. علينا أن نحلم، ولكن لنحقق أحلامنا لا لمجرد أن نبعثر فيها الوقت هباء..
المشاعر حب العين للجسد، وهي متقلبة ومتذبذبة لا تدون على حال.. أما الحب فهو أعظم وأكبر: أنه حب الكيان للكيان.. إنه لقاء الأرواح وليس لقاء الأحاسيس.
الحب.. لذة العطاء
للحب كلمة ثالثة نستعملها في اللغة النفسية AGAPE "أغابي".. إنه حب العطاء والبذل والخدمة..
الحب – في كل الشرائع السمائية - هو صفة الله تبارك اسمه.. الله "المحبة" الذي أوجد الإنسان من عدم، وأنعم عليه بالوجود والرعاية وأجزل له الخير، ثم أعد له دار الخلود، في الآخرة لينعم فيها إلى الأبد..
أنه الحب الذي يعطي ويوجد ويحَّي بلا مقابل..
ونحن مخلوقين على هذا المثال الأعظم: صورة الحب الحقيقي الذي يحقق –بهذا الأسلوب الناضج- قمة السعادة.
أعد نفسك للحب
مثلما تعد حقائبك للسفر، وتضع فيها كل ما تحتاج، هكذا في "حقيبة" "الارتباط" نضع أول ما نضع الحب الحقيقي الأصيل.. هل تعلمت العطاء لأجل الآخر؟
هل دخلت الحب لتأخذ فقط أم لتعطي؟
هل وضعت في قلبك أن تسعد شريك حياتك؟ هل قررت أن تمنحه السعادة بالخدمة والعطاء؟
هل أنت مستعد للتنازل عن بعض عيوبك وضعفاتك لتسعده؟ وهل أنت مستعد لتعديل بعض من صفاتك وسلوكياتك لتبهجه؟.