الكاتب: دعوة للجميع
كثيراً ما تزدحم حياتنا بتلك الأمثلة والاعتقادات التي تعفي الإنسان من مسئوليته عما يحدث له من نجاحات أو إخفاقات... ونقول إن الإنسان يسير في طريق ثابت مسجل له يسمى "باللوح المحفوظ" فكل ما يحدث للإنسان مكتوب في هذا اللوح سواء من حيث المكان أو الزمان، وهذه الأحداث لا يمكن تغييرها أو تبديلها أو تلافيها.
ولكن هل تعتقد أن الله قدَّر لكل شخص النقمى أو العذاب في الجحيم، وهذا القدر لا ينفع معه أي طريق من الحذر... هل تؤمن بالمثل القائل "عند القدر يعمي البصر" فلا يمكن تجنب القدر لا بالحكمة ولا بالتبصر؟
هناك أمثلة شعبية كثيرة تحمل معنى القدرية مثل "المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" أو "قدر ومكتوب" يقولها الناس عندما يتعرضون للمشكلات والضيقات. وهنالك أحداث نفسرها على أنها "قسمة ونصيب" وأكثرها شيوعاً هو عدم التوافق في الزواج مثلاً.. أو إخفاقات في مشاريع كثيرة للإنسان في مقابل مشاريع ناجحة أو اختيارات موفقة في الزواج للعديد من الناس.
إن هذه المفاهيم والاعتقادات يجد فيها الكثير من الناس تخديراً للضمير، مبرراً للكثير من الأحداث وراحة للنفس.
.. ويهرب من مراجعة أخطائه ويجد في الله السبب الكبير في كل ما يصيبه.. وهذه المعتقدات لا تقتل الطموح فحسب، بل تتعدى ذلك إلى فقدان صاحبها إلى واحدة من أهم سماته التي خلقها الله فيه وهي الإرادة الحرة.
لقد خلقنا الله بإرادة حرة قد نختار الصواب أو الخطأ.. نختار الخير وأحرار، أيضاً نختار الشر.. نعم فالناس الأحرار هم الذين جعلوا الشر ممكناً.
فالإرادة الحرة رغم تضمنها إمكانية الشر هي الطريق الوحيد الذي يجعل المحبة والصلاة والبهجة ذات قيمة... تخيل معي البشر تعمل كالآلة بدون إرادة أو مشاعر... لكان عالم غير جدير بالخلق، فالسعادة التي يستهدفها الله للبشر هي سعادة الحرية والاتصال الإرادي بالله والآخرين، فنشوة الحرية والفرح نشوة تتضاءل أمامها نشوة أعمق حب يربط بين رجل وزوجته على هذه الأرض، ولمثل هذه النشوة يجب أن يكون الإنسان حراً. بالطبع أن الله يعلم أن الإرادة الحرة قد تكون سبباً للشر، ولكن هو وجد أن هذا هو الطريق الصحيح... نعم إن الله يرى أن هذه الحالة من الصراع في العالم بين الخير والشر ثمناً للإرادة الحرة.. ثمناً جديراً بالدفع وذلك لتكوين عالم حي تستطيع المخلوقات فيه أن تحسن أو تسيء، وبذلك تصل إلى مستوى ذي قيمة بدلاً من عالم به دمي تتحرك حينما يحرك الله أسلاكها. وما دام الله يرى هذا فلابد أن تدرك أن هذا هو الأفضل... نعم الإنسان الأفضل هو الإنسان الأقوى والأكثر حرية، الذي يؤمن بأنه مهما بلغ من فضائل لن ينتصر بمفرده دون عمل النعمة، لأن السيد المسيح يقول: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" يو 15: 15 .
والحرية التي خلقها الله للإنسان أعطته أن يقابل نعمة ومحبة الله بنعم أو لا.. فإذا قال لا فإنه يختار أن ينفصل عن الله... وإذا قال نعم فإنه يتمتع بتعضيد نعمة الله وإرشاده في حريته.
إذاً فأنت المسئول عن كل ما يصيبك في حياتك من نجاحات وإخفاقات.. فتمتع بقدرتك على صنع النجاحات وقدرتك على تحقيقها... وراجع نفسك عند إخفاقاتك، وتذكر أن نعمة ومحبة الله تطاردك دائماً لتشاركك نجاحاتك وعبور أزمات إخفاقاتك..