الكاتب: دعوة للجميع
توجد حقيقة مؤكدة لا شك فيها إنه طالما أنت Made by God إذن فأنت
كنز من المواهب والإبداعات
نبعٌ من الطاقات والقدرات
نهرٌ من الحب والعطاء والإيجابية
فيضٌ من الحرية والإنطلاق والسمو
والسؤال الذي يطرح نفسه
إذا كنت أنا هكذا.. كنزٌ.. ونبعٌ... ونهرٌ.... وفيضٌ
فما الذي يعطل ويعوق ويحجز كل هذه المواهب والإبداعات؟! والطاقات والقدرات المذهلة؟!!
وما الذي يساعد ويشجع ويطلق هذه المواهب والإبداعات؟!
أولاً: ما الذي يعوق إطلاق مواهبنا
(1) يوجد عائق منيع يعوق ويعطل إطلاق مواهبنا وإبداعاتنا، وهذا العائق تتولد منه مجموعة من العوائق والمعوقات والحواجز والموانع
هو منبعـــها... وهي تأخذ منه وتعطيه
هو مصدرها... وهي تستلهم منه وتبنيه
هو يعطيـــها... وهي ترد له
هو يقويــــها... وهي تدعمه
هو يـبـنـيـها... وهي تعليه
هذا العائق البشع وهذا السد المنيع هو الحزن... هو البؤس... هو اليأس!!
فالإنسان الحزين البائس لا يستطيع أبداً أن يُبدع والإنسان الحزين اليائس لا يقدر مطلقاً أن يبتكر!!! الإنسان الحزين البائس تموج نفسه داخل مجموعة من الإحباطات ومشاعر الفشل والتشاؤم.
الحزن يقويها.. وهي تدعمه
الحزن يبنيها.. وهي تعليه
(2) المقارنة مع الآخرين
شاب يصنع مقارنة بينه وبين الآخرين وكل ما يسعى إليه من هذه المقارنة أن يثبت لنفسه أنه فاشل وليس فيه شيء صالح بالمرة وأنه لا يصلح لأي شيء!!
كل ما يخرج منه... ينبع من سيكولوجية انهزامية حزينة متشائمة... فماذا تتوقع منه أن يقول؟!
يعلي من شأن الآخرين ويبخس من قيمة نفسه!!!
مثال: شاب خجول... صفة الخجل عنده هي نقطة ضعفه يصنع مقارنة بينه وبين زميل له.. اجتماعي بطبعه يضع أضعف صفة عنده.... في مواجهة أقوى ميزة عند الآخر!!!
هذا ليس من الإنصاف إطلاقاً... وليس من العدل أبداً!!!
يا صديقي
أ- أرفض أساساً مبدأ المقارنة لأن الله خص كل إنسان بتميز وانفراد عن الآخرين حيث لا يوجد على كل الأرض شخصان متطابقان تماماً في المميزات والعيوب.
ب- ليس من العدل إطلاقاً ولا من الإنصاف أن تصنع مقارنة بينك وبين آخر فتضع نقطة الضعف التي فيك في مواجهة نقطة القوة والتميز التي في الآخر!!!
هذه مقارنة ليست عادلة وتجلب عليك الحزن والكآبة
فقد تكون خجول ولكنك... عبقري ومنظم في عملك
فقد تكون خجول ولكنك... رسام وفنان
فقد تكون خجول ولكنك... عازف موسيقي بارع
فقد تكون خجول ولكنك... مخطط لبرامج الكمبيوتر
فقد تكون خجول ولكنك... كريم وسخي ومعطاء ومحب للآخرين
فقد تكون خجول ولكنك... صادق في كلامك ووعودك للآخرين
فقد تكون خجول ولكنك... رقيق المشاعر والإحساس بالآخرينز
فقد تكون خجول ولكنك... ولكنك.... ولكنك.... الخ.
فلا تتوقف عند نقطة ضعفك وبسببها تبخس قيمة نفسك بالكامل!!!
واعلم أن كل إنسان على وجه الأرض له خصائص قوة مميزة له، وله أيضاً نقاط ضعف... أنت لا تراها!!!
ج- إن بقيت تركز فقط على نقاط ضعفك فلن تتمكن أبداً من تطوير مواهبك وإبداعاتك التي أنت تتجاهلها وتهملها... ولكن إن أردت أن تعالج ضعفك... اطلق مواهبك وإبداعاتك الخاصة فتنمو وتكبر وترتفع وسوف تلاحظ أن نقاط ضعفك قد عولجت تلقائياً.
فالنمو والتطور الذي يحدث في جانب من جوانب شخصيتك سوف يشمل شخصيتك بالكامل ويرفعك في جميع النواحي فلا تشغل نفسك بمقارنة السلبيات... بل إغرق نفسك في الإيجابيات... فترتفع بالضرورة فوق السلبيات!!
(3) البكاء على اللبن المسكوب
من العادات السيئة التي تعوق إطلاق مواهبنا وإبداعاتنا أننا نصرف وقتاً طويلاً في البكاء على اللبن المسكوب، وعلى الماضي الذي فات، والفرص التي ضاعت، والمواهب التي دُفنت خصوصاً أنه يوجد لدينا ضمن كياننا النفسي استعداد تلقائي للحزن... فنحن شعب نعشق الحزن والبكاء.
فنحن حريصون جداً على إقامة وإحياء مناسبات العزاء والحزن وحريصون بنفس القدر وأكثر!! على تجاهل مناسبات الفرح والبهجة.
ألا يدعو للعجب أن نقيم للمرحوم بعد انتقاله، مناسبات متعددة للذكرى وتقبل العزاء مع أننا لم نقل له مرة واحدة طوال حياته كل سنة وأنت طيب في عيد ميلاده مثلاً؟!!
نبكي عليه وننتحب بعد أن يموت.. مع أننا لم نقدم له لمسة حب وهو بعد حي بيننا!!
(4) من المعوقات التي تحجز إطلاق مواهبنا أننا نصرف في التخطيط وقتاً أطول وأكثر جداً مما نصرفه في التنفيذ!!
إننا جميعنا نحلم.. لكن القليلون فقط هم الذين يصنعون أحلامهم.
خير لك أن تنجز عملاً واحداً وتتممه بنجاح من أن تخطط لأكثر من عمل ولا تنفذ منها شيئاً!!!
(5) اصعد السلم درجة درجة
شاب له طموحات كثيرة ومواهب متعددة يريد أن يحقق كل شيء بسرعة..
فلا يحقق شيئاً على الإطلاق فلنقبل حقيقة وحتمية النمو والتدرج، فنصعد السلم درجة درجة... ولكن بقوة وثبات!!
ثانياً: ما الذي يساعدنا على إطلاق مواهبنا وقدراتنا وإبداعاتنا؟!
أتريد أن تعرف سر الإبداع... سر الشباب... سر القوة.. سر إطلاق المواهب والطاقات والإبداعات؟!!
هذا هو السر
فرح الرب هو قوتكم!!! (نح 8: 10)
فإذا كنا نقول إن الحزن والبؤس هما المعوق الأساسي الذي يعوق إطلاق مواهبنا، فإن الفرح والسلام الداخلي... هما سر الإبداع!! فالإنسان الفرحان.... قلبه يفض بالأمل والتفاؤل وحب الحياة وحب الآخرين!!!
لهذا كانت وصية نحميا لشعب الله "اليوم إنما هو مقدس لسيدنا... لا تحزنوا فرح الرب هو قوتكم"!! (نح 8: 10)
لأن... "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه"!! (مز 118: 24). لأن فرح الرب هو قوتكم!!
ليفرح إسرائيل بخالقه. ليبتهج بنو صهيون بملكهم ليسبحوا اسمه برقص. بدُف وعود ليرنموا له" (مز 149: 2)
"لأن فرح الرب هو قوتكم"!! (نح 8: 10)
فكيف تقتني الفرح؟
كيف تقتني الفرح الذي هو سر إطلاق مواهبك وإبداعاتك وقدراتك وطاقاتك؟!
أه.. أه لو عرفت كيف تقتني الفرح والسلام؟
سوف تمتلئ حياتك بالفرح والبهجة والأمل والتفاؤل... سوف تنطلق مواهبك وإبداعاتك
سوف تنطلق وتجري وتعدو وتمرح بلا عائق!!!
أولاً: المصدر الأول للفرح
ينابيع الخلاص!!
"فتستقون مياهاً بفرح من ينابيع الخلاص"!! (إش 12: 3)
وأين تجد ينابيع الخلاص هذه؟ لكي تستقي من مياهها؟ تجدها فقط داخل الكنيسة وأؤكد لك لن تجدها أبداً خارج الكنيسة فالعالم يا حبيبي حينما يسقيك.. يسقيك ماءاً مالحاً...
فلا ترتوي أبداً.. بل يزداد عطشك أكثر!! فتطلب أن ترتوي، فيسقيك أيضاً ماءاً مالحاً... وهكذا يقيدك أكثر!!! ماء العالم له بريق خارجي جذَّاب لكنه يجفف الحلق ويصبغه بمرارة... كمرارة العلقم!!.. وينتج في النفس مشاعر الحزن والكآبة والندم!!
أما الكنيسة... حينما تسقيك من ينابيع الخلاص
وهي تقول لك... افرح... وابتهج بالخلاص
افرح.. وافرح ببركات الفداء... الذي صنعه المسيح من أجلي ومن أجلك
فيما مضى... وفيما يأتي... وفيما سيأتي!!!
أسمعت عن الفرح المذهل الذي تفجر في قلب المرأة السامرية حين شربت من ينابيع الخلاص؟!! حتى أنها نسيت جرتها عند البئر...!! بل قد تركتها بلذة وفرح، وراحت تجري.. تجري وتطير من الفرح.. تعالوا... تعالوا.... انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت... ألعل هذا هو المسيح؟!!
هيا.. هيا.. أدخل الكنيسة... نبع الخلاص
اشرب... اشرب بفرح وارتوي من ينابيع الخلاص
انظر... تأمل.. عاين بنفسك... تذوق!!
(1) تذوق الفرح والسلام الذي تعطيه لك الكنيسة في سر التوبة والاعتراف
"الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك" (2صم 12: 13)
ارزقه رحمتك
(2) انظر... تأمل.. عاين بنفسك... تذوق
تذوق الفرح وبهجة الخلاص الذي قدمه لك المسيح على الصليب
"وكان يهوشع لابساً ثياباً قذرة وواقفاً قدام الملاك فأجاب وكلم الواقفين قدامه قائلاً انزعوا عنه الثياب القذرة. وقال له انظر. قد أذهبت عنك إثمك وألبسك ثيابا مزخرفة. فقلت ليضعوا على رأسه عمامة طاهرة. فوضعوا على رأسه العمامة الطاهرة وألبسوه ثياباً" (زك 3:3-5).
"فرحاً افرح بالرب. تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر مثل عريس يتزين بعمامةٍ ومثل عروس تتزين بحُليها" (إش 61: 10).
"وأجاب واحد من الشيوخ قائلاً لي هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض من هم ومن أين أتوا فقلت يا سيد أنت تعلم. فقال لي هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف" (رؤ 7: 13-14).
(3) كلمة الله
اشرب مياهاً بفرح من ينابيع الخلاص وارتوي بكلام الله كل يوم... فتتفجر في داخلك أنهار وتفيض!! أنهار الفرح والبهجة والرجاء والأمل والتفاؤل.. فيتجدد مثل النسر شبابك!! وتنطلق مواهبك وطاقاتك وقدراتك وإبداعاتك من خلال الفرح.
الفرح الذي هو إكسير الحياة المتجددة!! المملوءة شباب... وحيوية... وحب... وعطاء!!!
"لأجعل لنائحي صهيون لأعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد ودهن فرح عوضاً عن النوح ورداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة" (إش 61: 3).
اشرب وارتوي من ينابيع الخلاص هذا هو سر الفرح.... هذا هو سر الشباب.... هذا هو سر الإبداع.. هذا هو سر النشاط والحيوية... وإطلاق المواهب والطاقات والإبداعات!!!
ثانياً: المصدر الثاني للفرح
العطـــــــــــــاء
صديقي.. حبيبي.... ابني
أتريد إطلاق طاقاتك ومواهبك وإبداعاتك؟!
إذن.. لتكن أنت نبع متدفق من العطاء... فالعطاء له أشكال وصور متعددة،
لمسة حب... كلمة تشجيع.. ابتسامة على وجهك.... شعاع أمل تنير به ظلمة يائساً
كلمة رجاء تقيم بها ساقطاً... لقمة يابسة تُشبع بها جائعاً.. فالعطاء ليس بكم ولكنه بكيف.
"فالنفس السخية تُسَمَّن والمروي هو أيضاً يُروى" (أم 11: 25).
"يوجد من يفرق... فيزداد أيضاً" (أم 11: 24).
"من يرحم الفقير يُقرض الرب، وعن معروفه يجازيه" (أم 19: 17).
(حدث في إحدى مدن سويسرا أن خرج عمدة المدينة ليلاً، يتفقد أمن مدينته، وعند مروره بأحد الطرقات، لمح ضوءاً خارجاً من أحد المنازل، فمال ناحية المكان وعندما اقترب منه، سمع صوت طفل يقول لأمه: إننا نموت جوعاً، هل تتذكرين يا أمي عندما حكيتِ لي عن غراب إيليا؟!.. ألا يستجيب الله لصلواتنا ويرسل لنا غراب إيليا؟!!
تأثر العمدة جداً، وعاد مسرعاً بسيارته إلى منزله وملأها بكل محتويات منزله من الطعام، ثم عاد مسرعاً إلى هذا البيت، وهناك طرق الباب ففتح له الطفل، فقال له العمدة: أنا غراب إيليا... وقد أرسلني الله لكم بناءاً على طلبكم... وأعطاه كل الأطعمة التي ملأ بها سيارته.. ثم تركه ومضى... وقلبه يطرب فرحاً!!!
هذا هو الفرح... فرح العطاء.... وهذه هي المسيحية الحقة... مسيحية العطاء والحب... مسيحية الإنجيل ذو اليدين الذي يشبع كل الاحتياجات....
وهكذا فعل السيد المسيح.... وهكذا علمنا.... فعل حين أشبع الجموع وهو يقول لتلاميذه
"فقال لهم يسوع لا حاجة لهم أن يمضوا. اعطوهم أنتم ليأكلوا" (مت 14: 16).
وعلمنا حين قال: "جُعت فأطعمتموني. عطشت فسيقيتموني. كنت غريباً فآويتموني. عرياناً فكسوتموني.. مريضاً فزرتموني.. محبوساً فأتيتم إليَّ" (متى 25: 35-36).
صديقي... حبيبي.... ابني
إن أكبر ما يصيب الإنسان وقدراته ومواهبه وطاقاته وإبداعاته بالضمور والشلل.. هو إحساسه أنه قد صار بلا فائدة في الحياة، والعكس صحيح.
إن أكبر مجال لإطلاق وتفجير الطاقات والمواهب والإبداعات في داخلك بقوة ونشاط وحيوية
هو خدمة الآخرين
كيفما يتاح لك وبما يتناسب مع إمكانياتك وقدراتك... المهم أن تعطي... فتقتني الفرح.. وتنطلق مواهبك وإبداعاتك!!!
ثالثاً: "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2)
صديقي... أنت بيدك أن تقيد أو تطلق مواهبك وإبداعاتك، والذي يحدد هذا أو ذاك نوع التفكير الذي يملأ عقلك... فإذا ملأت عقلك بأفكار سلبية مثل أفكار الخوف والتردد وتوقع الفشل والسوء فسوف تفكر سلبياً طوال النهار وسوف ينعكس ذلك على أفعالك وتصرفاتك!!....
والعكس صحيح... إن ملأت عقلك بأفكار إيجابية وتفاؤل ستكون النتائج مذهلة... لهذا يُلح علينا القديس بولس الرسول ويقول تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، ذلك لأن ما تملأ به عقلك سوف يؤثر في كل نواحي أنشطة جسدك ونفسك.
فإن شحنت عقلك بآيات الإيمان والرجاء والثقة في قوة الله ومساندته لك، سوف يتغير نمط وأسلوب حياتك وتمتليء بروح الفرح والرجاء والتفاؤل والأمل وتوقع النجاح....
ذلك لأن كلمة الله لها قوة فعالة إيجابية، مجددة لكل أنشطة الروح والنفس والجسد بفعل الروح القدس الذي يعمل فيك بكلمة الله.