الكاتب: دعوة للجميع
الخطبة هي اتفاق بين شخصين تمهيداً للارتباط بالرباط المقدس وهو الزواج. وهي فترة استعداد، واختبار للاثنين، للتأكد من مشاعرهما والاستعداد لتأسيس بيت الزوجية.
وهي أيضاً فترة لاختبار وفهم النفس أكثر، والتعرف عليها. ويجب أن يسأل كل من الطرفين نفسه هذه الأسئلة:
هل شخصيتي تتفق مع هذا الإنسان الذي سأرتبط به؟ هل يمكننا أن نؤسس زواجاً ناجحاً وبيتاً قوياً؟! هل دبلة الخطبة التي أضعها في يدي، هي رمز للحب والاحترام اللذين يجمعان بيننا، أم هي قيد يشل حريتي؟!
لماذا «الدبلة»؟
اختيرت الدبلة، وهي خاتم صغير مستدير، للرمز على الارتباط. وأصل كلمة «دبلة» في اللغات الشرقية القديمة هو «الدائرة» وذلــك لأن ليــس لهــا حــدود، أو بدايــة ونهايــة، أيأن الخطيبين سيتحدان بالزواج، ولــن يكــون لحبهمـا حــدود أو نهاية!
حدود العلاقة بين الخطيبين:
لكي تنجح الخطبة وتؤدي إلى الزواج، لابد أن يكون لها حدود وإطار يحكمها، فقد تنجح وتؤدي إلى الزواج، وقد تفشل فيذهب كل واحد إلى طريقه.
لذلك يجب أن تتصف العلاقة بالنقاء والطهارة والاحترام، فالزواج لم يحدث بعد، رغم وجود الحب والتوافق بين الاثنين، فيجب أن يصون كل واحد نفسه من الخطأ حتى يتمم الله سبحانه لهما ارتباطهما بالزواج المقدس العلني، وسط كل الأهل والأصحاب.
من البداية:
- يجب أن يتسم كلامك مع مخطوبتك (خاطبك) بالصراحة التامة. كما يجب أن يعرف كلاً منكما ظروف تربية الآخر ونشأته وأسلوب حياته وطريقة تعامله مع الآخرين.
- لا تهمـل معرفــة هوايـــات الطــرف الآخر وإلى أي حد يرتبط بها، ماذا يُحب، وماذا يكره، كيف يتخيل حياتكما بعد الزواج، ما طموحاته لعمله ولحياتـــه ككل، مناقشة كل الأمور المادية قبل وبعد الزواج، إنجاب الأطفال، تقسيم المسئوليات بينكما، التعامل بين الأسرتين، والجيران والأصدقاء... ولا تهمل أي سؤال يطرأ على ذهنك، بل يجب مناقشة الطرف الآخر في كل الأمور في فترة الخطبة، حتى تضمنا تأسيس بيت قوي مبني على الصخر وليس قصوراً على الرمال!
- لا تترك أموراً جوهرية معلقة بلا حل، أو جواب، فمثلاً يجب أن تعـــرف أن هنـــاك صفـــات جوهرية في كل شخص تختلف عن الآخر، حتى مع وجود الحب، فالإنسان لا يمكن أن يغير من طباعه وسماته الأساسيـــة التي نشـأ وتربــى عليهــــا: فمثلاً: الأنانيــــة - البخــل المادي أو العاطفـــي - قلة الكــــلام - الثرثــرة - التفاهة والفراغ الذهني - سوء السمعة - عدم الوفاء، وإقامة علاقات غرامية متعددة - ضعف الشخصية أمام الوالدين - الكذب - العنف واستعمال ألفاظ نابية عند الغضب... وغيرها من الطباع التي يصعب التعامل معها. فإذا كنت تكره هذه الصفات وغيرها، وتأكدت من وجودها فيمن ارتبطت به، فتأكــــد أنه لن يغــير مـــن هذه الصفــــات لأنهــــا جزء من شخصيتــــه، نشأ وتربى عليها، ولن يستطيع تغييرها!
- من الهام أن تكون العلاقة بين الأسرتين طيبة من البداية وقائمة على الاحترام والصراحة، وأن تحترم كل أسرة خصوصيات وأسلوب حياة الأسرة الأخرى منعاً للمشكلات التي يمكن أن تؤثر على استقرار العروسين فيما بعد.
- فكرا بصورة عملية بشأن تأسيس بيتكما تبعاً للظروف المتاحة، وابتعدا عن المقارنــات، وعــن الأحلام البعيدة أو التي تُشعر الآخر بالعجز عن تلبيتها، فالحياة الزوجية تحتاج للواقعية والتفاهم والتعاون بعيداً عن الأحلام والوعود المستحيلة.
هل يمكنك أن تتنبأ بمستقبل زواجك؟!
- نعم! فرغم أن المستقبل في يد الله وحده، إلا أنه يطلب منا التفكير، وتقييم أفعالنا واختياراتنا قبل اتخاذ القرار. وبالتأكيد يمكنك أن تُقيم شكل علاقتك وأسلوب التعامل مع مخطوبتك (خاطبك) فإذا كانت خطبة ناجحة يسودها التفاهم والحب والاحترام والتوافق في الظروف والمستوى الثقافي والمعيشي، والبيئي، فمن الطبيعي أنه يمكن التنبؤ بنسبة نجاح كبيرة جداً عند إتمام الزواج.
- من الهام أن يتأكد تماماً الخطيب أو الخطيبة من مشاعره قبل تحديد موعد الزفاف، وألا يتسرع في اتخاذ قراره، ما لم يكن واثقاً من حُسن اختياره، ومن مشاعر الآخر تجاهه، وأن يعرف أن هناك اختلافات صغيرة في شخصية كل إنسان يمكن التعايش معها، والتكيف عليها، مادامت لا تسبب المشكلات، ومع العشرة والحب تكاد هذه الاختلافات تختفي وكأنها لم تكن.
- من المهم أيضاً أن يشعر كل من الخطيبين بالاستقلال النفسي عن الأسرة، ونعني هنا أن القرار بعد الزواج سيكون بين الزوجين فقط، ويجــب أن يتعلـــم كل مــن الخطيب والخطيبة، أن يفكر بنفسه لصالحه، وصالح الطرف الآخر، وأن يتخذا قراراتهما معاً بعيداً عن تأثير الآخرين، منعاً للمشكلات فيما بعد، وتدخل الأهل في حياة العروسين التي قد تأتي بنتائج عكسية.
- إذا كان هناك شك في الحياة الماضية لخاطبك (مخطوبتك) فيجب أن تتكلمي معه بصراحة في كل ما يتعلق بهذا الموضوع، ولا تتسرعي باتخاذ قرار الزواج ما لم تكوني مطمئنة تماماً من وفائه لكِ، وصدق كلامه، ومشاعره تجاهك.
مع أجمل الأمنيات بخطبة سعيدة، وزواج أسعد.