الكاتب: دعوة للجميع
كانت ليالي الأعياد قاسية علي حين أحاول أن أذهب للكنيسة فلا أجد لي مكان ، أو هكذا أتصور ، كيف أجلس بجوار زميلتي التي تلبس الذهب أشكال و ألوان و تعمل شعرها بشكل ملفت و تلبس جديد في جديد وأنا ألبس فستان أختي الكبرى الذي مر على أختي الوسطى...
ثم أذهب لحفلة العيد فأجدهم بملابس أخرى .... ويتحدثون عما أكلوه و ما عملوه فيخروجة العيد و ما أكلوه في بيتزا هت أو ماكدونلد أو كنتاكي وأمي تعمل لنا حلة ملوخية أكثرها ماء لكي نعيد عليها بعد 55 يوم صيام.
و في الصيف ، واحدة تذهب لشرم الشيخ و الأخرى تذهب لسواحل أوروبا و تقول لي بكل ظرف : " لازم تيجي معانا يا مريم " وأنا أحسن فسحة لي هي أن أتمشى على الكورنيش و آكل الترمس.
كل هذه الأسباب جعلتني متمردة ساخطة حاقدة ، لا أريد الذهاب للكنيسة ليلة العيد أو يوم العيد و لا أحتمل الأحاديث المستفزة و عبثا حاولت أمي أن تنصحني بأن أتحلى بالشكر والرضا و دائما تقول لي " ماتبصيش لفوق "
و كانت هوايتي الوحيدة هي القراءة التي بصعوبة أستطيع توفير تكاليفها ، فبالرغم من تعليمي المتوسط كانت لدي معلومات عامة جيدة ، فخطرت لي فكرة ممتازة لكي أحصل على المال ، فاتصلت بالتليفون لأشترك بمسابقة من سيربح المليون ، وكل مرة أنتظر ردهم علي ، وكانت أمي تقول لي دائما : إن المال لا يجلب السعادة و تكلمني عن عطايا الله من صحة و ستر وتعليم و وجود كنيسةتهتم بي و .... ولكني أقول لها : " معكقرش تساوي قرش "
و في يوم جاءني اتصال تليفوني ،إني قبلت ضمن الـ8 مرشحين للمسابقة و لا تسألني عما حدث لي ، لم أنم ليلتها وظللت أفكر ماذا سألبس و ماذا سأقول ولكن الذي كان يهمني هو الشيك الذي سآخذه ، هل أتوقف عند نصف مليون أم أستمر للمليون ، نعم سأستمر ... لن أنسحب ، سوف أشتري سيارةB.M.W. و موبايل و فيلا...
و جاء اليوم المنتظر و كنت الأسرع في إجابة سؤال السرعة و جلست على الكرسي ، أخيرا سمعت جملة أستاذ جورج قرداحىالمشهورة : و مع مريم من مصر ومن سيربح المليون .....
و ظللت أجاوب على الأسئلة حتى وصلت لمبلغ 64 ألف ، ثم السؤال الذي كان بعده فقد كان صعبا و قد كنت استنفذت كل وسائل المساعدة و حذرني أستاذ جورج قرداحىبطريقته الخفية لئلا أرجع لمبلغ32 ألف ولكني لم أستمع وقلت بكل ثقة : جواب نهائي "و....
و خسرت و عدت لمبلغ 32 ألف و بدل من أن أشكر ربي ، غضبت ادعيت أن أستاذ جورج قرداحي يحابي الأغنياء.
و لما تمالكت نفسي ، قررت أن أقطع كل علاقة لي بأهلي الفقراء ، لكي لا يقف مظهرهم و منزلهم عائق في مستقبلي و زواجي ،ولم أستجب لتوسلات أمي المسكينة في أن تعرف عنواني رغم تأكيدها إنهم لا يردون منيقرشا واحدا.
و في القاهرة استأجرت شقة في حيراق و عرفت الطريق إلي الفنادق ذات الخمسة نجوم و التف حولي أناس كثيرون من أصدقاء وصديقات بعد أن صرت مشهورة بعد إذاعة البرنامج.
و لسنين لم أقف للصلاة ولم أسأل عن أمي .....إلى إن جاء يوم وانقلبت بي السيارة و أصبت بكسر في العمود الفقري و عدة كسور فيرجلي و لم أجد حولي سوى زميلة مخلصة وقفت بجانبي و نقلتني إلى بيت أسرتي و كنت خجلة من نفسي جدا ، كيف أستطيع أن أنظر في عيني أمي وأخوتي الذين قاطعتهم طيلة هذه السنين ؟؟ لكن ما أن رأتني أمي حتى احتضنتني و قبلتني و آخذتني و أخواتي يخدمونني حتى امتثلت الشفاء بعد أن نفذت كل أموالي و أصبحت شبة طبيعية ما عدا عاهة صغيرة في قدمي تركها لي مخلصي الذي أحبني حتى أتذكر أن السعادة التي يعطيها المال مؤقتة ، زائفة و أن السعادة الحقيقية هي في الرضا و الشكر على كل ما يعطيه لي أبي السماوي