الكاتب: مريم عبد الملك
جلست بجوار أمى وهى تتابع برنامج سياسى ، تابعته على غير عادتى لأن الأحداث السياسية لا تشغلنى كثيراً ، فسلام الله الذى فى قلبى
(أشكرك يارب) غير مرتبط بأي أحداث ، و يقيني إن كل شيء زي ما بيقولوا under control : { تحت السيطرة } سيطرة أبى وإلهى .. لكنِّى تابعته من باب العلم بالشيء…
المهم…
أعجبني تعبير سمعته من المحلل السياسي بيقول ان " الإصلاح " يشبه "غسيل الدرج" ( السلالم ) ؛ لا يمكن أن يتم من أسفل إلى أعلى، لابد أن يتم غسيله من أعلى إلى أسفل ، فعندما نبدأ من أعلى سينساب الماء تدريجياً إلى أسفل ، وينظف كل درجات السلم …
وسرحت فى مدى التشابه بين كلمة " الإصلاح " وكلمة " التوبة" ، فمفهوم " التوبة " عندى كان أنها :
" إصلاح " لتصرفات الإنسان الخاطئة حتى تصبح صورته جيدة أمام الله وأمام الناس وأمام نفسه .
ورجعت بذاكرتي للخلف وتذكرت الخدعة اللِّى كان بيخدعنى بيها إبليس لسنين طويلة هذا عددها :
1- القدمين : ما أنت بتروح الكنيسة وساعات بتحضر اجتماع أو مؤتمر.
2- اليدين : هو فيه حد كريم مع الفقراء قدَّك ؟ ده أنت حتى بتشارك فى بناء كنائس { بأكون دافع مبلغ بسيط وإبليس يقوللِّى : ده أنت ماحصلتش !!! }
3- الفم : ده أنت بتخُر ( بتنقَّط ) زيت يا راجل , طول السنة صايم …
4- الأذن : دايماً في عربيتك فيه شرائط ترانيم و وعظات بتشغّلها في سكة السفر .
5- العينين : لأ كله إلاَّ دي , ده أنت مابتقراش إلا لأدباء محترمين وساعات بتقرا في الكتاب المقدس.
6- العقل : هو فيه كام واحد زيَّك حافظ آيات وشواهد من الكتاب المقدس ؟؟؟ ..
7- الذهن : لأ خلاص بقى , يعنى إنت مش مكفِّيك كل اللى بتعمله ده علشان شكلك يبقى حلو فى نظر الله ؟!؟
ده أنت أحسن من غيرك كتيــــــــــــــــــــــــــــــــــر …
وعشت سنين طويلة وأنا راضى عن شكلى فى نظر نفسى وراضى عن شكلى فى نظر الناس ،
لكن عمرى ما سألت نفسي : " ياترى شكلى إيه في نظر الله ؟
لأني طبعاً كنت مصدَّق خدعة إبليس إنى بأعطى لله حقه وزيادة شوية !!!
إلى أن جاء أسعد يوم فى حياتى ، يوم ما اتقابلت مع الرب ،،، يومها دار بيننا حوار لن أنساه أبدا …
- قال لى : أنت مش عايش حياتك بتعمل حاجات غلط ، لكن (( ومع ذلك )) أنا مش لاقى لنفسى مكان فيها …
- قلت له : إزاى يا رب بتقول كده ؟! هو انت مش واخد بالك أنا بأعمل إيه !؟ وبعدين ما أنت بتقوللِّى أهو إن أنا مش بأعمل
حاجات غلط، يبقى فين المشكلة ؟؟
- قال لى : المشكلة انك اهتمِّيت تجدِّد كل حاجة فيك إلاَّ أهم حاجة ..
- قلت له : هى إيه يارب ؟؟
- قال لى : ذهنك القديم .
- قلت له : ماله ذهنى يارب؟ وأجدِّده إزاي ؟!؟
- قال لى : الذهن الجديد اللى أنا عاوزه مواصفاته بسيطة جداً ، وأي حد يقدر يحصل عليها ، " لو أراد " :
الشرط الأول :
ذهن مؤمن بأن :
"بالنعمة أنتم مخلَّصون ، بالإيمان ، وذلك ليس منكم . هو عطية الله ، ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" أفسس 2 : 9,8
فاهم الكلام ده معناه ايه ؟ معناه إن : و إنت ولا حاجة …
أدِّيلك كل حاجة …
من غير ما تدفع أي حاجة …
لأن الخلاص "هدية" و ليس "أجر عن عمل" …
- قلت له : مش فاهم !!! يعنى أنا دلوقت أعيش حياتى زي ما أنا عايز وأعمل ما بدالى مادام الخلاص بالنعمة ؟!؟
- قال لى : لأ طبعاً .. باقى الآية بيقول :
" لأننا نحن عمله ، مخلوقين فى المسيح يسوع لأعمال صالحة ، قد سبق الله فأعدَّها لكى نسلك فيها " أفسس 2 :10
يعنى فيه نوع من الأعمال هيفرَّح قلبي لما أشوفك بتعمله …
أعمال هتعملها مش بدافع الخوف من العقاب ، لكن بدافع محبتك لرب الأرباب …
والنوع ده من الأعمال مش هتعرفه وتقدَر تعمله إلاَّ لما يتوفَّر فيك الشرط الثانى .
الشرط الثاني :
ذهن يقدَّر محبة الله له :
" هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " يوحنا 3 : 16
لو كنت قدَّرت حجم محبتي ( محبة الله ) ليك ، كنت حسِّيت قد إيه إنت مديون ، لأنك مهما قدِّمت لىَّ ،
فى المقابل أنا قدِّمت ( ابني الحبيب الغالى عليَّ) ...
يوم ما ذهنك هيدرك معنى "الفداء " ، يومها بس هتعرف إن لو حياتك هتقضيها تشكر ، عمر ما عمرك هيوفِّى …
تذكرت وقتها الآية اللى بتقول : " تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم " رومية 12 : 2
أتارى لو كل حاجة فى تصرفاتى شكلها كويس ، لكن ذهني مش متجدِّد ، هيكون شكلي النهائي في نظر الله = لاشيئ على الإطلاق !!!
وقتها بس فهمت الآية اللى بتقول :
" إله هذا الدهر (الشيطان) قد أعمى أذهان غير المؤمنين ، لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح ،
الذى هو صورة الله ." 2 كورنثوس 4 : 4
أتارى إن أنا كنت "مسيحي بالاسم" وبس ، أو شخص "متديِّن" ( يعني : ممارس للديانة المسيحية ) ،
ولم أكن "مؤمن حقيقي" حسب قلب الله …
وفهمت إن مفهوم "التوبة الحقيقية" إنها :
إصلاح و تجديد للذهن تحديداً وليس شيئاً آخر، لأن الذهن هو أول درجات السلم ، متى جدَّدته سينساب الماء تلقائياً وتدريجياً لينظف باقي الدرجات كلها …
يعنى هتعمل كل الأعمال الحسنة اللى كنت بتعملها (أو ماكنتش) لكن بمنظور مختلف تماماً ، لأن فى كل يوم جديد.. ذهنك هيخلِّيك تقول :
كيف أنسى سيدي الغالي المسيح … كيف أنسى الدم بالجنب الجريج ؟
من رآنى فى هوانى فأتى طوعًا إلىّ … من فدانى و اشتراني كاسراً قيد يداى
كيف أنسى قلبك العافى الكبير … من عفى عنى وعن جرمى الخطير
فمحى كل ذنوبى وابتدا عهداً جديداً … وملا بالروح قلبي فغدا قلبي سعيداً
هبني أنسى سيدي ذاتي هنا … فعنادي قد أذاقني العنا
وأغنى في حياتي عالماً أنى غريب… ذاكراً أنك ربى سوف تأتى عن قريب
من كل قلبى بأقول لكل شخص لم يذق حلاوة العشرة مع الله :
انتبه للخدعة اللى عدو الخير بيخدع بيها الناس , منتهزاً فرصة جهلهم بصفات الله ( وهذه الخدعة ) هى :
"الانسان علشان يعيش مع ربنا لازم يحرم نفسه من حاجات كتيرة حلوة فى الدنيا" …
فبناءاً عليه ناس كتير بتقول : خلّينا بعيد أحسن ، هوَّه الواحد هيعيش كام مرة؟؟ هى مرة واحدة بس.
يبقى الواحد لازم يعيش حياته بالطول و بالعرض وما يحرمش نفسه من المتعة …
الخدعة دى الناس بتصدقها لأنها مش عارفة الله ومش عارفة صفاته اللى من "أحلاها " إن :
" الله مش بيبات مديون "
يعنى أمام كل لحظة بتعيشها له من قلبك وبترفض فيها العسل السام اللى بيقدِّمهولك إبليس ، الله بيعوَّضك عنها أضعاف مضاعفة …
من ضمن الحاجات اللى اختبرتها ، إن أنا زمان كنت بأدلِّل نفسي وماكنتش لاقى "السعادة الحقيقية" :
ياما حاولت و كنت بأحاول … أجد الراحة مكنتش طايل
عشت في وهم سنين خدعتني … شهوة عيني في عالم زايل
لكن من ساعة ما اتقابلت مع الرب وسلمت له حياتى ، والرب بنفسه ( وخلِّى بالك من "بنفسه" ) هو اللى بيدلِّلنى …
صدقني … يا هناه ويا سعده اللى الرب بنفسه هوَّه اللي يدلعه …
" على الأيدي تُحمَلون ، وعلى الرُكبتين تُدَلَلون . " إشعياء 66: 12
كتبتها لكم على صفحات دعوة للجميع مريم عبد الملك