الكاتب: دعوة للجميع
لقد جُرحت جروح عديدة. وكلما أقبلت على الشفاء كلما اكتشفت عمق جراحك أكثر، حتى أنك قد تشعر بالإحباط. فخلف كل جرح تكتشفه يكمن جرح آخر، حتى يصبح بحثك عن الشفاء الحقيقي أمر مؤلم. فهناك الكثير من الدموع لم تذرف بعد.
لكن لا تخف. فحقيقة وعيك الواضح هذا في حد ذاتها تظهر مقدرتك على مواجهة هذا الألم.
التحدي الحقيقي يكمن في أن تحيا هذه الآلام لا أن تفكر بها فقط. فالبكاء أفضل من القلق، ومعايشة الألم في الصمت أفضل من التفكير به والتحدث عنه. فالاختيار الذي يواجهك دائماً هو إما أن تحمل آلامك في رأسك أو تحملها في قلبك. في راسك يمكنك التحليل وإيجاد الأسباب والنتائج لتلك الآلام، وأن تصوغ الكلمات للكتابة والتحدث عنها. لكنك تحتاج أن تترك تلك الآلام تغوص في قلبك حتى تعايشها وتكتشف أنها لن تقضي عليك، فقلبك أعظم من آلامك.
إن فهم الألم يشفي فقط متى وُضِعَ هذا الفهم تحت تصرف القلب. والذهاب بألمك إلى القلب أمر ليس هيناً، إذ يتطلب التخلي عن الكثير من الأسئلة. فأنت تريد أن تعرف "لماذا ومتى وكيف جُرِحت، ومن السبب في هذا الجرح.؟!" وتظن أن الإجابة على هذه الأسئلة سوف تأتي بالشفاء. لكنها، على الأكثر، سوف تبعدك قليلاً عن الألم. يجب أن تتخلى عن احتياجك للتحكم في الألم وتثق في قدرة القلب على الشفاء، حيث تجد جروحك مكاناً آمناً تستوعب به، وحينما تستوعب الآلام إنما تفقد قدرتها على إحداث الضرر وتتحول إلى تربة صالحة لحياة جديدة.
فكر في كل جرح كما لو كان طفلاً قد جُرِحَ من صديق له. كلما تضجر واهتاج هذا الطفل وأخذ يرد على صديقه يتطور الضرر، وجرح يقود إلى آخر. ولكن حين يجد الطفل عناق دافئ ومهدئ من الوالد يستطيع أن يتعايش مع الألم ويرجع للصديق غافراً، ويبني علاقة جديدة. ترفق على نفسك ودع قلبك يكون بمثابة الأب المحب الحنون وأنت تعايش الألم.
الأب هنري نووين
من كتاب "صوت الحب الداخلي"