الكاتب: دعوة للجميع
يسوع قادر على دخول حياة الإنسان من خلال قلبه وينشر سلامه في ثنايا تلك النفس بكليتها فالفراغ اليائس بداخلي والطوق المنبعث من أعماقي لم يلبث يتملكني وأعوزتني الكلمات لأعبر عنه وما عدت أنشد سوى السلام الذي يقدر الله وحده أن يمنحني إياه وعرفت أنني بدونه لن أبقى على قيد الحياة. (دان مونتجمري)
لكل شخص واجب أخلاقي يرتب عليه أن يطور نفسه لأقصى حد والمتصوفون الذين قالوا بأن اكتشاف الله إنما يتم في النفس كانوا مدركين معنى أقوالهم لذا لم يفلح الكثيرون في إيجاد الله لأنهم أهملوا أنفسهم. (إغناطيوس لب) عالم نفساني وكاهن.
بوصلة الذات
ما يرضي الله هو النظر إلى شخصية تغيرت..
يسوع زهرة الشارون (الحب) المرأة الخاطئة، وأسد يهوذا (الجزم) طرد الباعة، وحمل الله (الضعف) الموت على الصليب، وإله السلام (القوة) القيامة من الموت. تصميم الله للشخصية المتزنة.
لو كانت البوصلة تعمل بانتظام فسنتمكن من الوصول للمنزل رغم الغيوم السود الحاجبة للشمس والنجوم.
يعبر قطبا الجزم والحب عن كيفية شعورنا الأولية بالآخرين، ويبين قطبا الضعف والقوة كيف نشعر على نحو متواصل بأنفسنا.
العلاقة بين الأقطاب الأربعة
ليس الحب أعظم من الجزم، ولا القوة أعظم من الضعف لأن هذه الأقطاب الأربعة تعكس تلك الطاقة التي جعلها الله فينا لنكون متزنين نشطين..
لو أهملنا واحدة أو أكثر أعقنا تطور شخصيتنا وجعلناها تشتد قساوة في حين أن فقدان المرونة وجماد الشخصية يفسدان نظرتنا لله وينقصان قدرتنا على توليد الألفة مع الآخرين وعلى المشاركة في جماعة محبة، والانغماس في حياة تخلو من الصدق.
سيان لو دعونا النواحي المنحازة خطيةً أو تلاعباً فهي تمثل أساليب عمل جامدة ومبالغ فيها وموانع تحول دون صدور العفوية المرنة التي تميز الشخصية السليمة فضلاً عن أنها تأتي لتفسد النظرة السليمة للذات ولله وللآخرين موقفة من تطور الشخصية وتحولها الروحي، فيتوقف النمو ويصبح الخوف لا الحب هو المسيطر على المواقف والتصرفات.
لو حدث تهديد للإنسان في وقت مبكر من حياته حين تتكون شخصيته الأساسية يتخذ وضعاً دفاعياً لدرء هذا الخطر، هذه المواقف الدفاعية تشمل أساليب الشخصية المنحازة، وما هي إلا حلول خاطئة لا تأتي بالخير علينا فنمو كل قطب من أقطاب البوصلة يكون بتمدده نحو باقي أقطاب البوصلة بحيث نتوصل تدريجياً إلى اتزان شخصيتنا.
يحررنا الروح القدس ونتقدم في بلوغ الاتزان الذي عرفه المسيح.
"إن تفتح أبواب جديدة والتوصل إلى شيء ما وإدراك أمر ما والغوص في الذات وتطور العلاقات كل ذلك يمثل نقطة وصول ما هي إلا بداية جديدة." (برناديت فيتر) قديسة
يهب الله لنا ذاته هبة شخصية في صميمنا الروحي حيث المسيح حاضر أبداً هوذا ملكوت الله داخلكم، وهذا يظهر من خلقتنا على صورة الله ومثاله وأن علاقة حميميه تربطنا به. "إن هذا الملكوت الذي داخلنا ملكوت نعمة ورحمة في متناول جميع الناس ومع ذلك يشق كل إنسان طريقه من خلال تجدد داخلي كامل يطلق عليها الإنجيل اسم التوبة التحول الباطني التام أي تغيير العقل والقلب معاً تغييراً جذرياً والكنيسة نفسها قامت لتؤلف جماعة باسم يسوع تجد في طلب الملكوت وتبنيه وتعيشه وما ذلك إلا إعلان الملكوت بواسطة الكلمة والأسرار والشهادة والخدمة." (ريتشارد ماك براين) رئيس قسم اللاهوت بجامعة نوتردام
تحقيق تجددنا الداخلي مرتبط بتجاوبنا مع الروح القدس في شخصيتنا. الروح القدس يعمل كبئر ارتوازية –كتلك التي في أرتيزيا في نيو مكسيكو- تفيض في أعماق كياننا، والبئر الارتوازية عبارة عن حفرة اصطناعية في الأرض بلغت ماء وبفعل الضغط الداخلي يفيض الماء ويرتفع كنافورة أما منبع الماء الرئيسي فهو دائماً في موقع أعلى من موقع البئر في سفح جبل أو تل، ويتسرب الماء في باطن الأرض متحولاً إلى أنهار قوية، فإن أردنا استخراج الماء بالحفر ترتب علينا أن نعمق الحفرة حتى يصل قعرها بمجرى النهار الجوفي، فتدفع قوى الطبيعة حينذاك الماء في داخل البئر فتمتلئ، و لكيما تصبح البئر فياضة توجب الحفاظ على نظافة داخلها وفتحتها على النهر. "من آمن بي فليشرب ولتجري من جوفه أنهار ماء حي".
النواحي الهامة في صميم الذات:
الثقة بمحكمتك العليا الداخلية الباطنية بالمسيح في شأن اتخاذ القرارات
قدرتك على استخدام ذكائك بعقل منفتح بدون أحكام سابقة
الرغبة في الشعور بجميع ما يعتريك من مشاعر بما في ذلك الحب والجزم والضعف والقوة والرغبة في التعبير عنها
الثقة بالإيحاءات والأحاسيس الباطنية والحدس بها لأنها غالباً وتتوافق مع مشيئة الله
الانفتاح في الحياة اليومية على الطرق الخفية التي يتدخل الله من خلالها في حياتك الشخصية
الجرأة على أن تكون إنساناً يتغير باستمرار ويتقدم في حب الحياة بنعمة الله
موقف صلاة باطني حتى يعضدك الروح القدس ويعزيك
الجرأة على النمو:
ما من أحد يعيش من صميمه طوال الوقت ولربما لم نعش على ذلك النحو أغلبية الوقت فالخطية والإرادة الذاتية والأقنعة يسماننا جميعاً، والنمو في الشخصية الحقيقية يتم ببطء إذ لا يسعنا أن نغير أنفسنا فجأة حتى لو أردنا ذلك وفي الواقع التغيير يكون حقيقياً وثابتاً إن جرى بصورة تدريجية. يتغذى نمونا الداخلي بقبولنا دواتنا بشجاعة بما فيها من حب وجزم وضعف وقوة، وإن لم نتابع نمونا الشخصي فعلياً فقد لا ننمو على الإطلاق، لأن الله يحترم إرادتنا الحرة، أما نقيض متابعة النمو الفعال فهو مقاومة النمو وهي تضم خصال خاطئة كالعناد والقسوة وتصلب القلب والوقاحة والسخرية، لكن الروح القدس يشجعنا على الانتقال من المقاومة إلى فرح النمو بالنعمة، فيساعدنا أن نخضع له ونصير أكثر واقعية ونطور فينا حباً سليماً ونبتهج بالحياة اليومية فجل ما يترتب علينا هو الشجاعة لننمو..
إن الألم والظلم والمعاناة والشر بمثابة سماد حيوي للنمو.
في عملية تطوير عمقنا الروحي نجد أن الله يستخدم لاوعينا لكي يساعدنا على معرفته ومعرفة أنفسنا بتزايد، لذا فنحن نتعلم أن نشعر بالحضور الإلهي الخفي في كياننا حتى في أعماق لاوعينا، وإخفاقنا على أن نقبل دوافع صميم لاوعينا يحرمنا من التكامل
عنوان الكتاب: دع الله يكمل شخصيتك
الكاتب: د. دان مونتغمري