فهرس المقالات |
---|
المذاهب المسيحية |
فما هو سبب الانقسام؟ |
طلب وحدة الطوائف |
كيف نقرع باب الوحدة ليفتح لنا؟ |
جميع الصفحات |
وإليك في ما يلي الرد على بقية الأسئلة:
كيف نقرع باب الوحدة ليفتح لنا؟
أول ما نفعله هو أن نصلي من أجل الوحدة، فهي من عمل روح الله فينا. وقد ذكرت في مكتوبك لي أنه حسن أن نصلي. ولكن صلاتنا لا يمكن أن تقتدر في فعلها إن كنا لا نترك تفسيرات اللاهوتيين الذين استنبطوا عقائد ليست من المسيح الذي دعانا، فهم الذين قسموا كنيسة المسيح إلى طوائف وشيع تتنابذ وتتخاصم. لقد كانت صلوات المسيحيين الأوائل تحرك السماء، لأنهم كانوا يصلون جميعاً بنفس واحدة (أعمال 2:1).
ما المانع من توحيد الرأي؟
في نظري أن المانع هو أولاً حب التزعّم والأبّهة. فمع أن المسيح كان بسيطاً وديعاً متواضعاً بعيداً عن كل مظاهر الأبّهة، فإن أمراء الكنيسة يبالغون في حب الظهور والمواكب الاحتفالية. فهم في هذا يخالفون المبدأ البديهي الذي وضعه المسيح حين قال: »مَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ« (متى 23:12). فالوحدة الحقيقية في حال تحقيقها ستُنزل الأعزاء من أبراجهم العالية، وهذا سيصيب كبرياءهم في الصميم. فليت أمراء الكنيسة يقتدون بالمسيح »الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللّهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلّهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ« (فيلبي 2:6-8).
كيف العمل بحسب رأيكم ليصبح الكل خميرة واحدة صالحة للأجيال المقبلة؟
توجد وسيلة واحدة لجمع الشمل بين المسيحيين، وهي أن يرجعوا إلى نقاوة الإنجيل، وأن يتّخذوا كلمة الله دستوراً لحياتهم. فكلمة الله تعلّمنا أن لأولاد الرب جسداً واحداً وروحاً واحداً ودعوة واحدة ورباً واحداً وإيماناً واحداً ومعمودية واحدة وإلهاً وأباً واحداً للكل، الذي على الكل، وبالكل وفي كلهم (أفسس 4:4-6).
نقرأ في الإنجيل أن يسوع سكب للموت نفسه »لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللّهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ« (يوحنا 11:52) وأنه قبل ارتفاعه على الصليب مباشرةً صلى لأجل وحدة مختاريه فقال: »»وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلَاءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلَامِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الْآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي« (يوحنا 17:20 و21).
لإتمام مشيئة المسيح في الوحدة التي صلى من أجلها، يجب إحداث نهضة روحية بين المسيحيين بانسكاب الروح القدس في كنائسنا لإيقاظها من نوم الموت. فإن نظرة واحدة إلى كنائسنا في هذه الأيام تُقنعنا بوجوب هذه اليقظة. فكثير من كنائسنا يبقى أكثر من نصف مقاعدها فارغاً يوم الأحد! فكيف نحصل على زيارة الروح القدس لكنائسنا؟ قد تقول لي إن تدخّل روح الله يحصل بواسطة الصلاة والتذلل أمام الله، هذا حق! ولكن هناك أمراً مهماً قبل الصلاة، وهو التوبة. فإن لم نترك الخطية فعبثاً نصلي، لأن الله لا يستمع للخطاة. »إِنْ رَاعَيْتُ إِثْماً فِي قَلْبِي لَا يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ. لكِنْ قَدْ سَمِعَ اللّهُ. أَصْغَى إِلَى صَوْتِ صَلَاتِي« (مزمور 66:18 و19). هكذا قال رجل الصلاة داود.
وَلَكِنِ الْآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: »ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ«. وَمَّزِقُوا قُلُوبَكُمْ لَا ثِيَابَكُمْ، وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لِأَنَّهُ رَأُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ. لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ، فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ... قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ. اِجْمَعُوا الشَّعْبَ. قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ. احْشُِدُوا الشُّيُوخَ. اجْمَعُوا الْأَطْفَالَ... لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ... وَيَقُولُوا: »اشْفِقْ يَا رَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلَا تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ الْأُمَمُ مَثَلاً...فَيَغَارُ الرَّبُّ لِأَرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ. ... وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ: »هَئَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا، وَلَا أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الْأُمَمِ... ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلَهِكُمْ، لِأَنَّهُ يُعْطِيكُمُ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ، وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَراً مُبَكِّراً وَمُتَأَخِّراً فِي أَّوَلِ الْوَقْتِ« (يوئيل 2:12-23).
وبالفعل فإن هذا المطر الروحي هطل في يوم الخمسين حين انسكب الروح القدس على تلاميذ الرب، ونجم عن ذلك ولادة كنيسة المسيح، التي شهدت للحق عبر الأجيال. ولم يكفّ روح الحق عن تأييدها بنهضات روحية أذكر منها:
نهضة ويلز، فقد كان شعب هذا البلد مرتداً عن الله منغمساً في شهواته، وكانت الخطية سافرة في كل مكان، رافعة رأسها بلا حياء! ولكن فجأة وبدون انتظار اكتسح روح الله هذه البقعة. وكان الآلة التي استخدمها الله نفراً من عمال مناجم الفحم، وعلى رأسهم »إيفان روبرت« العامل البسيط. هؤلاء انكسروا أمام الرب وصلّوا بإيمان، فهبّت عليهم ريح إنعاش روحي، وعمل الروح القدس معهم، فتجدَّد عدد عديد من السكيرين واللصوص والقتلة والزناة والمقامرين. وفي فترة خمسة أسابيع كان عدد التائبين يربو على العشرين ألف نسمة. حدث هذا في عام 1904 وكان العمل مباركاً حتى أن دور اللهو وأندية القمار أقفرت من روادها.
نهضة أدمز بأمريكا في عام 1821. كان شاب في ربيع العمر يتردد على غابة في شمال قرية أدمز ليصرف وقتاً في الصلاة. وهناك اختبر عمل نعمة الله، فتغيّرت حياته وأفكاره تغييراً كلياً. هذا الشاب هو شارلس فيني. وإذ سمع الناس به ولمسوا عمل الله في حياته ذهبوا إلى الاجتماع الذي كان يعظ فيه. وهناك انسكب روح الله بقوة هائلة مبكتاً الجميع، فاعترفوا بخطاياهم وأنعشهم روح الرب. وامتدت ريح الانتعاش من أدمز إلى البلدان المتاخمة حتى عمَّ كل الولايات الشرقية في أمريكا.
هذه أخبار نهضتين روحيتين عمل فيهما روح الرب بقوة عجيبة، واستخدم الله فيها آلات بشرية من عامة الشعب. فكيف يكون الأمر لو نزل رجال الكنيسة الكبار من أبراجهم العاجية وسجدوا لذاك الذي لم يكن له أين يسند رأسه، وطلبوا أن يغفر لهم خطية الكبرياء؟ أفلا ينعشهم ويضع في قلوبهم أن يدعوا الكهنة والشعب إلى التوبة؟ ولو فعلوا لشهدت كنيسة المسيح يوم خمسين آخر، يهطل فيه المطر الروحي ليغسل القلوب من أدران الخطية، فتتوحّد الصفوف وتتم مشيئة المسيح الذي جاء ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد.