![]() |
|||||||
"نتعلم كيف يمكن أن يكون الألم عاملاً محفِّزاً للتعافي"
الألم: من يحتاجه؟!
هذا ما نفكر به عندما نتألم... إننا لا نجد سبباً وجيهاً للألم، إذ يبدو أنه تمرين لا مبرر له وسط المعاناة. فلو حدث أن كلّمنا أحدهم عن النمو الروحي ونحن نتألم، فإنّ الاحتمال الأكبر هو أن نبدي اشمئزازاً ونبتعد عنه، ظناً منّا بأنه لم يسبق لنا أن واجهنا إنساناً عديم الإحساس لهذه الدرجة.
ولكن، مالذي كان سيحدث لو لم يشعر الإنسان بالألم الجسدي أو الألم العاطفي؟ ألا يبدو هذا عالماً مثالياً؟ الحقيقة إنه ليس كذلك. فلو لم نكن قادرين على الإحساس بالألم الجسدي، لما تمكنّا من إخراج الأجسام الغريبة من أعيننا، ولما عرفنا متى يجب أن نتوقف عن التمرين، ولما عرفنا متى نتقلب أثناء النوم. ولما كنّا بكل بساطة نسيء استخدام أنفسنا بسبب فقداننا لنظام الإنذار الطبيعيوينطبق الشيء نفسه على الألم العاطفي. فكيف من الممكن أن يتسنى لنا معرفة أنّ حياتنا قد أصبحت غير مدبرة لولا الألم؟ تماماً كما هو الحال مع الألم الجسدي، فإنّ الألم العاطفي يتيح لنا معرفة الوقت الذي يجب فيه أن نتوقف عن القيام بتصرفٍ مؤذٍولكن الألم ليس فقط مجرد عامل محفّز. فالألم العاطفي يوفر لنا أرضية للمقارنة عندما نكون سعداء. إذ لا يمكننا تقدير السعادة دون معرفة الألم
يارب
ساعدني اليوم لأتقبل الألم كجزء ضروري من الحياة وعلمني أن أدرك بأنه يمكنني الشعور بالسعادة بنفس القدر الذي أشعر فيه بالألم
(من كتاب التأملات لزمالة م.م)
قال أحد الحكماء :
" لكي تكون مهماً ... كن مهتما"
هل حينما تشترك في أي حديث مع الناس تجد أنك سرعان ما تفقد السيطرة علي نفسك وتشعر برغبة شديدة وتحفز للرد دون تمهل وحتى أنك لا تنتظر حتي ينهى محاورك حديثه؟
إن أسلوب وجودك الخاص في وسط مجتمعك هو الطريقة التي بها يريدك الله أن تكون حاضراً بالنسبة للآخرين. فالناس باختلافهم لهم طرق مختلفة للتعبير عن حضورهم ووجودهم. ولابد لك أن تعرف مكانك الخاص وأن تشغله. لذا فالتمييز هنا هو الأمر الذي له كل الأهمية. فبمجرد أن تعرف داخلياً دعوتك الحقيقية يتكون لديك التوجه الصحيح، الأمر الذي يساعدك على أن تقرر ما يجب أن تقوم به وما يجب أن تتخل عنه، ما يجب أن تقوله وما يجب أن تصمت بشأنه، متى يجب أن تخرج ومتى يجب أن تلزم المنزل، من يجب أن ترافقه ومن يجب أن تتجنبه.
حين تشعر بالإرهاق أو الإحباط أو الإنهاك ولا تستطيع أن تحتمل المزيد، فإنما جسدك يخبرك بأنك تقوم بأشياء ليست من شأنك. فالله لا يطالبك بما يفوق قدراتك، أو بما يقودك بعيداً عنه أو يجعلك مهموماً ومكتئباً. إن الله يريدك أن تحيى للآخرين، وأن تعيش وجودك الخاص جيداً، الأمر الذي قد يحوي المعاناة والإرهاق وحتى لحظات من الألم الجسدي أو النفسي الهائل، إلا أن شيئاً من هذا لا ينبغي أن يزحزحك عن أعماق ذاتك حيث الله ساكن هناك.
إنك إلى الآن لم تجد بالتمام مكانك الخاص وسط مجتمعك. فأسلوب وجودك وحضورك الخاص في مجتمعك قد يتطلب منك أوقاتاً من التغيب أو الصلاة أو التفرغ للكتابة أو الاعتزال. فهذه الأشياء أيضاً تقع ضمن متطلبات وجودك في مجتمعك، فهي تجعلك تقدم نفسك بعمق لمجتمعك وتتكلم بكلمات الله من داخلك. حين يكون من دعوتك أن تقدم للناس الرؤية التي تغذيهم وتجعلهم يستمرون في التقدم فإنه من المهم جداً أن تعطي نفسك الوقت والمساحة التي تجعل هذه الرؤية تنضج بداخلك وتصير جزءاً لا يتجزأ من كيانك.
إن مجتمعك يحتاج إليك ولكن ربما ليس حاضراً معهم في كل الوقت. فمجتمعك قد يحتاج إلى حضورك الذي يعطيهم الشجاعة ويوفر لهم الغذاء الروحي للرحلة ويخلق لهم الأرضية الآمنة التي فيها يمكنهم أن ينموا. نعم قد يحتاجون منك إلى مثل هذا الحضور الذي ينتمي إلى قلب الجماعة، ولكنهم أيضاً يحتاجون إلى غيابك الخلاق
قد تحتاج إلى أشياء لا يستطيع مجتمعك أن يقدمها لك. مثل هذه الأشياء تحتم عليك أن تبتعد عن الآخرين من وقت إلى آخر. وهذا لا يعني أنك أناني أو غير اجتماعي أو غير سوي بشكل أو بآخر. ولكنه يعني أن أسلوب تواجدك في وسط مجتمعك يحتم عليك الاهتمام بتغذية نفسك داخلياً بطريقة خاصة. فلا تخشى من أن تنهج ذلك النهج، فهو ما يسمح لك بأن تكون أميناً لدعوتك وأن تشعر بالأمان. إن هذا المنهج يمّـكنك من أن تخدم من تريد أن تقدم لهم الرجاء والحضور الذي يمنح الحياة.
من كتاب: "صوت الحب الداخلي"
(الأب: هنري نووين)
ليس الهدف من هذه الدراسة إضرام نار الشحناء بين المسيحيين والمسلمين في عالم موبوء بالبغضاء، والتفرقة، والتَّعصُّب، والعنصرية. إنما أردنا أن نعالج قضية هي في صُلب الخلاف بين المسيحية والإسلام على ضوء المعطيات التاريخيَّة، والدينية والمنطقية بأسلوب يتسم بالجديَّة والموضوعيَّة. ودأبنا في هذا كله خدمة الحقيقة من خلال مخاطبة العقل من ناحية، وتوثيق أواصر اليقين في قلوب المؤمنين من ناحية أخرى. فالصليب في المسيحيَّة هو قضية القضايا، وعلى الإيمان بفداء المسيح المصلوب يتوقف مصير الإنسان في أبديَّته المقبلة.
الحمد لله أننا نعيش في عصر العلم والتنوّر?الذي لا مكان فيه للمتعصب والناموسي, إن أوساط الدنيا مفتوحة للبحث الموضوعي والتفاهم المبني على أسس الحقيقة, فإن كنت من الذين يفتشون عن الحق فندعوك للدراسة الخالية من العواطف? لتجد جوهر الوحي وتلبس قوة العلي,
الحمد لله مرة أخرى لأن الخبير الدكتور فاندر ألف منذ أكثر من مائة سنة هذا الكتاب الشهير ميزان الحق?ولم نجد حاجة للتغيير فيه?لأن مقارناته متينة ومبنية على احترام وفهم وعدل, فيسرنا أن ننشر كتابه مرة أخرى عسى أن بعض الشباب يغادرون جو القرون الوسطى وينطلقون إلى حرية الفكر والحياة المبنية على الواقع والمنطق والمحبة.
الصفحة 4 من 4