هذه ليست سوى دراسة سريعة تعرضت فيها لموضوع شائك ولكنّه ذو أهمية كبرى في إيماننا المسيحي. فبينما لا يوجد أي نص أو دليل تاريخي أو أية وثيقة تؤيد ما ورد في القرآن من نفي لموت المسيح وصلبه، يتوافر لدينا، نحن المسيحيين، ثروة طائلة من النصوص والوثائق الأصلية ما يثبت صحة ما جاء في العهد الجديد، ورسائل الحواريين التي كتبت بوحي إلهي، وإرشاد الروح القدس، عن موت المسيح وآلامه وقيامته.
لهذا، نحن كمسيحيين، نرفض كل نص مخالف لما جاء في الكتاب المقدس في متون كتب الأديان الأخرى، ولا نعبأ بما يقوله أصحاب البدع وأهل الأهواء والنحل من زنادقة المسيحية. فإيماننا مبنيٌّ على ما نزل به الوحي الإلهي لأن كل الكتاب موحى به من الله. وكل ما يخالف كتاب الله مرفوض من أساسه أصلاً وفصلاً.
* * *
فإلى كل من اتَّفق في ما أوردناه في كتابنا هذا نقول:
"لقد ظهرت لكم حقيقة الخلاص، وعلمتم سيادة الخطية على البشر، وتأكدتم أن سيدنا المسيح هو فادي الخطاة إلا أن ذلك ليس كل المطلوب، بل بقي شيء آخر أساسي، هو الشعور بضرورة تخصيص هذا العمل الخلاصي العمومي ليكون شخصياً لكل فردٍ منكم. نعم إن الإيمان بالمسيح ومعرفة شخصه ووظائفه والاعتراف بكل ذلك واجب، ولكن يعوزكم شيء آخر وهو أن تكون لكم شركة عملية مع المسيح واتحاد حقيقي به، بحيث تحيون بحياته وتتحركون بقوته، فتُظهرون سمو شخصه في معيشتكم، وقداسة شرعه في تصرفكم، وطهارة إنجيله في معاملتكم، وسلطة روحه القدوس وقدرته في أخلاقكم. تعترفون وتعتمدون باسم المسيح - فهل امتلأتم من روح ألوهيته وتعليمه؟ وباسم المسيح الكاهن - فهل استفدتم من ذبيحته الكفارية؟ وباسم المسيح الملك - فهل أنتم من جنوده المدافعين عن مسيحيته؟ إن المسيحية يا قوم لا تقوم بحفظ آيات الإنجيل ولا بترتيلها بكرة وأصيلاً، بل تقوم بالانتصار على عاداتنا وأهوائنا وتغييرها بما هو حسن ونافع".