![]() |
|||||||
بينما تشعر بالصحة والقوة جسدياً وعقلياً، لازلت تختبر تياراً قوياً من الحزن يسري في داخلك. فأنت تنام جيداً وتعمل جيداً، ولكن قلما تشعر بهذه اللحظات التي يختفي فيها هذا الألم النابض بقلبك والذي يجعل كل شئ يبدو ضائعاً في الهواء.
مرراً وتكراراً أنت موضوع أمام الاختيار؛ إما أن تدع الله يتحدث أو أن تدع ذاتك المجروحة تصرخ. وبالرغم من أنه هناك موضع فيه يمكنك أن تسمح للجزء المجروح بداخلك أن يحصل الاهتمام الذي يحتاجه، إلا أن دعوتك تكمن في أن تتحدث من الموضع بداخلك الذي فيه يسكن الله.
غالباً ما نذهب حاملين مشاكلنا إلى رجال ونساء لطفاء متأملين سرياً أنهم سيرفعون عنا حملنا ويحررونا من وحدتنا. وعندما نعود ثانية إلى أنفسنا كثيراً ما نجد أن خدمة هؤلاء لنا ما هي إلا إسعاف مؤقت ويؤدي إلى عودة الآلام ذاتها بوطأة أشد.
ينبغي عليك ليس فقط أن تتجنب لوم الآخرين بل أيضاً لومك نفسك. فأنت ميال إلى لوم نفسك على الصعوبات التي تواجهها في علاقاتك. ولكن لوم الذات ليس أحد صور التواضع. أنه شكل من أشكال رفض الذات فيه تتجاهل أو تنكر أي جمال أو طيبة فيك .
ولذلك فإنَّ ندامتنا ليست ندامة حقيقيَّة، بل مجرَّد شكليَّات، أو، وهو أسوأ ما في الأمر، تبرير للذات. ونقول في أنفسنا: «في الواقع، ليس هذا أمراً شنيعاً جداً، فالجميع يفعلون ذلك». ونستند إلى كلِّ أنواع الظروف التي تخفِّف ثقل الذنب، ونُلبس خطايانا أجمل الثياب، ونُزيِّنها، ونخفي شكلها الحقيقي، وناتي بها أمام الرب وهي في هيئة هفوة صغيرة لطيفة وخفيفة الظل، تدعو إلى الشفقة. وفي الواقع، فإنَّنا نُعطي أنفسنا، بهذا التصرُّف، "الحلَّ" من الخطايا مُقدَّماً، ونشعر بأننا قد تبرَّرنا. وإنَّ رفضنا لتحمُّل مسؤوليَّة أخطائنا سببه أنَّنا لا نملك شيئاً بديلاً لوخز الضمير واليأس.
الصفحة 24 من 40