![]() |
|||||||
لقد كانت حياتي في الداي بريك (دار المعاقين عقلياً التي خدم بها ككاهن مقيم أخر عشر سنوات من عمره) مليئة بالفرح الهائل بالرغم من أني لم أعاني أو أتألم وأتعذب وأبكي في حياتي من قبل بمقدار ما حدث لي هناك. لا يوجد مكان آخر أكون فيه معروفاً بالتمام كما أنا هنا في وسط هذه الجماعة الصغيرة. فمن المستحيل هنا أن أستطيع إخفاء عدم صبري وغضبي واكتئابي وإحباطي على أناس في منتهى التلامس مع ضعفهم كهؤلاء. فاحتياجي للحب والصداقة والمؤازرة واضحة تماماً أمام أعين الجميع. لم اختبر أبداً بمثل هذا العمق من قبل أن طبيعة عمل الكهنوت هي هذا الوجود المتحنن مع آخرين. وأننا نجد كهنوت المسيح في الرسالة إلى العبرانيين إنما يوصف بأنه توحد وتضامن الكاهن مع عذاب البشر. وحين أدعى اليوم بلفظ كاهن فإن هذا يضع أمامي تحدياً كبيراً بان أتخلى عن كل ابتعاد وكل فرصة للوجود في برج عاجي راسخ هناك، بل فقط أن آتي وأقرن ضعفي بضعف هؤلاء الذين أحيا معهم. ويا لذلك من بهجة! إن هذا الاقتران يحمل في طياته فرح الانتماء وبهجة أن تكون جزء من كل وأنك لست غريباً.
يقول المشير المسيحي ديفيد كارلسون David Carlson: "إن محبة النفس، كما أفهمها من المنظور الكتابي والنفسي، تتضمن ما يلي:
(1) أن أقبل نفسي كابن لله محبوب، وذو قيمة، وقادر على إنجار المهام.
(2) أن أكف عن اعتبار نفسي محور الكون.
(3) أن أقر بحاجتي إلى غفران الله وفدائه. فالتقدير الذاتي المسيحي ينتج عن تحويل المفهوم "أنا الأعظم، أنا الأحكم، أنا الأقوى، أنا الأفضل" إلى مفهوم "أنا ما عليه، إنسان مخلوق على صورة الله، خاطئ مفدي بنعمة الله، وعضو هام في جسد المسيح."
يا رب
أنني خائفة مما قد يحدث لي
اذا سمحت لنفسي بقبول مساعدة من آخرين
أنت تعلم كم هو صعب عليّ أن أدع نفسي تحتاج لآخرين
أنت تعلم كم أصارع لأصدق أن عندي ما يمكنني تقديمه للآخرين.
الاعتماد المتبادل أمر في غاية الصعوبة بالنسبة لي.
ساعدني يا رب أن أعطي، وأن أتلقى أيضاً.
أعطني الشجاعة الكافية
لأخذ مخاطرة المحبة
الناس الذين يؤمنون بأنّ الله لا يستطيع الدخول إلى عقولهم بأفكاره و توجّهاته , و إلى إرادتهم بقوّته و رغباته , و إلى عواطفهم بسلامة , يتردّدون فجأة أمام فكرة تحريك الله لمخيّلتهم , فيسمعون في داخلهم كلاماً و يرون رؤى . لقد أخبرتني أمّي يوماً , و كأنّها تبوح لي بسرّ , أنّ الله كلّمها مراراً و أعطاها توجيهات دقيقة لحياتها . و قالت : " لن أبوح بذلك إلى أحد سواك مخافة أن يظنّ الآخرون أنّي أُصبت بشيئ من الجنون " . و أذكر أنّي طمأنتها بأنّ ذلك أصبح تقليداً في العائلة , لأنّه حدث لي أنا أيضاً أحسست بيد الله في داخلي , كما و شعرت مراراً بأنّه يغذّي مخيّلتي بلمساته اللطيفة .
الصفحة 25 من 40