![]() |
|||||||
يسوع قادر على دخول حياة الإنسان من خلال قلبه وينشر سلامه في ثنايا تلك النفس بكليتها فالفراغ اليائس بداخلي والطوق المنبعث من أعماقي لم يلبث يتملكني وأعوزتني الكلمات لأعبر عنه وما عدت أنشد سوى السلام الذي يقدر الله وحده أن يمنحني إياه وعرفت أنني بدونه لن أبقى على قيد الحياة. (دان مونتجمري)
تدحرج المِزلاج الصَدِئ الذي يُوصِد بوابة السجن على الفتيات، وجاءهم صوتٌ أجش يُلقي عليهم بالقصاص ويُنبئهم بموعد الجلدات.
تجرّعت الفتيات المسيحيّات الحُكم بقلوبٍ هادئةٍ وكأنّه كأسُ سمٍّ قد ارتسمت عليه علامة الصليب فانتُزِعَ منه الأذَى. بينما سَمِعَت سارة بالقصاص فبدأت تبكي وتنتحب وكأنّها تستعطفُ الأقدار لتتركها وترفع عن كاهِلها لعنات الماضي. فما كان من ماريا إلاّ أنْ توجّهت نحوها واحتضنتها بقوّةٍ وهي تقول: لا تخافي فنحن معك.
ما أقسى بلاد الغربة ولكن ما أجمل الركض في مدنها وازقتها وشوارعها وراء رحلة البحث عن الجمال والموسيقى والمتاحف والمعاني الإنسانية. الغربيون قليلو الكلام لأسيما كبار السنّ، وان نطقوا بكلمة سيفوح منها عطر الحكمة والخبرة وعصارة تجارب السنين المليئة بالمعان والعبر الإنسانية، انهم يختلفون جذريًا عن بعض عجائزنا الذين لا يملون من الكلام والتطفل على خصوصيات الآخرين ومحاربتهم ولجم افواههم، يتكلمون بكلمات هي انعكاس لذهنيات مريضة ونفوس عفنة.
أظن أنكم كلكم تعرفون من أنا... وأظن أنكم كلكم لا تحبوني, لأنني كنت وسيلة من وسائل تعذيب المسيح. ولكن... أنا لا أريدكم أن تتعجلوا في الحكم علي حتى تستمعوا لتجربتي... أنا مجرد نبتة... نبتة صغيرة, كنت أحيا في وحدة, لا أحد يعرفني ولا أنا أعرف أحد... كانت حياتي مملة وبائسة, فأنا لم أتسبب إلا في الآلام لكل من يلمسني أو يقترب مني... ولا أنال إلا الإنتقاد من كل من يتألم بسببي... كنت أشعر بأنني ليس لي اي هدف في حياتي... في إحدى الأيام, وجدت مجموعة من الجنود يقتربون إلي, في يد أحدهم أداة حادة... إستخدمها لكي يقتلعني من جذوري... وفي هذه اللحظة شعرت بأني أموت, لأنه لم يعد لي مصدر للحياة... سمعت أحد الجنود يقول: "إنه سيكون إكليل جميل ليسوع, سيكون رائعا عليه", فرد عليه الآخر: "نعم، خاصة عندما نصلبه... ألا يقول على نفسه ملك اليهود؟ إذا فهو يستحقه".
كل منا يشكو، إلى حد ما، من آلام الوحدة، ويتخبط في ضيق نفسي وعطش روحي. هذه الآلام هي في العمق وليدة فشل في الحب. المحزن حقاً في هذه الأوضاع كلها هو انكفاؤنا إلى ذواتنا، وانشغالنا بأنفسنا. هذا الانشغال بـ"الأنا" هو أكبر عقبة في طريق حياة الحب.
الصفحة 21 من 40